للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإنما أوجب الله تعالى الكفر بالشيطان؛ لأنه كافر بربه، قال تعالى: {وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا} [الإسراء:٢٧]، أي: بربه كافراً (١). ولأنه كان عصياً للرحمن، قال تعالى إبراهيم: {يَاأَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ} [مريم:٤٤]، أي: لا تطع الشيطان فيما يزين لك من الكفر والشرك؛ {إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا}، أي: عاصياً. (٢) وكل من اتبع الشيطان، صار ولياً له، قال تعالى عن إبراهيم: {يَاأَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا (٤٥)} [مريم:٤٥]، يعني: يلزمك ولاية، أي: موالاة الشيطان وتكون مثله. وقيل: فتوكل إلى الشيطان، ويخذلك الله. (٣)

وقال تعالى: {كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ} [الحج:٤]، أي كُتب على الشيطان، أن يضل من تولاه، {يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ} [الحج:٤] أي: إلى عذاب جهنم. (٤)

وقال تعالى: {وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا (٢٩)} [الفرقان:٢٩]، أي تاركاً: ويقول الشيطان يوم القيامة لأتباعه: {إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ} [إبراهيم:٢٢]، وفي معنى كلامه، قولان:

أحدهما: إني كفرت بجعلكم إياي شريكاً في عبادة الله وطاعته، والثاني: إني كفرت قبل أن أشركتموني في عبادته، يعني: كفرت قبل كفركم (٥)، وهذا كقوله تعالى: {قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ} [ق:٢٧]، والقرين هنا هو الشيطان باتفاق المفسرين، فالشيطان يقول: " ما أطغيته " أي: ما أضللته، " ولكن كان في ضلال بعيد "، أي: وجدته وقد اختار الضلالة لنفسه. (٦)


(١) السمعاني: تفسير القرآن:٣/ ٢٣٥.
(٢) السمعاني: تفسير القرآن:٣/ ٢٩٥.
(٣) السمعاني: تفسير القرآن:٣/ ٢٩٥.
(٤) السمعاني: تفسير القرآن:٣/ ٤١٨
(٥) السمعاني: تفسير القرآن:٣/ ١١٢
(٦) السمعاني: تفسير القرآن:٥/ ٢٤٣

<<  <   >  >>