للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١٠ ـ أن بعض الإنس كانوا يستعيذون بالجن، إذا نزلوا بواد قفر، فإذا أمسوا قالوا: نعود بسيد هذا الوادي من سفهاء قومه، كما قال تعالى: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا} [الجن:٦]، ومعنى " فَزَادُوهُمْ رَهَقًا " فيه قولان: أحدهما: أي عظمة في أنفسهم، كأن الإنس لما استعاذوا بالجن، ازداد الجن في أنفسهم عظمة. والثاني: هو أن الإنس ازدادوا رهقاً، بالاستعاذة من الجن، ومعناه: طغياناً وإثماً، كأن الإنس لما استعاذوا من الجن، وأمنوا على أنفسهم، ازدادوا كفراً، وظنوا أن أمنهم كان من الجن. (١)

١١ - أن الجن لا يُرون، وقد أشار السمعاني إليه في تفسير قوله تعالى: (إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم) الأعراف ٢٧، فقال: يعني أن الشياطين وجنوده يرونكم، وأنتم لا ترونهم (٢)، وتأيد قوله بقول الإمام الشافعي: من زعم من أهل العدالة أنه يرى الجن، أبطلت شهادته؛ لأن الله تعالى يقول: (إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم)، إلا أن يكون نبيا (٣)، وقال الحافظ ابن حجر: وهو الذي فهمه أكثر أهل العلم (٤)، وقال: (إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم) مخصوص بما إذا كان على صورته الني خُلق عليها (٥).

في حين ذهب الإمام ابن تيمية إلى تفسير الآية بمعنى آخر، فقال: الذي في القرآن: أنهم يرون الإنس من حيث لا يراهم الإنس، وهذا يقتضي أنهم يرون الإنس في حال لا يراهم الإنس فيها، وليس فيه أنهم لا يراهم أحد من الإنس بحال، بل قد يراهم الصالحون وغير الصالحين أيضا، لكن لا يرونهم في كل حال (٦).


(١) السمعاني: تفسير القرآن: ٦/ ٦٦
(٢) - السمعاني: مرجع سابق: ٢/ ١٧٦
(٣) - الشبلي: آكام المرجان: ٤٣
(٤) - ابن حجر: فتح الباري: ٦/ ٤٥٩
(٥) - ابن حجر: مرجع سابق: ٤/ ٤٨٩
(٦) - ابن تيمية: مجموع الفتاوى: ١٥/ ٢٦

<<  <   >  >>