للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القول الثاني: قال مجاهد: الرسل من الإنس، وأما الجن فمنهم النذر، كما قال تعالى: {وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ} [الأحقاف:٢٩]، أي: محذرين، ويُقال: ولوا دعاة إلى التوحيد (١). ويكون معنى الآية في قوله تعالى: " أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ "، مُنصرف إلى أحد الصنفين، هو الإنس. إلا أن السمعاني قال عن قول مجاهد: " هو قول مهجور " (٢).

وقال الحسن: لم يبعث الله نبياً من الجن (٣)، وإنما جاءتهم رسل الإنس، وهذا أيضاً قول ابن جريج، والفراء (٤)، والزجاج (٥). وحكى ابن عطية قول الضحاك وضعفه (٦)، وحكاه أيضاً ابن كثير، وقال: " وفي الاستدلال بها على ذلك نظر؛ لأنها محتملة وليست بصريحة " (٧).

وذهب بعضهم: إلى أن الرسل من الجن، هم رسل الرسل إليهم؛ لقوله تعالى: {وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ} [الأحقاف:٢٩]، حكاه الطبري عن ابن عباس رضي الله عنهما. (٨)

وذكر ابن قتيبة في تأويل مشكل القرآن، في باب مخالفة اللفظ معناه، قاعدة: " ومنه: أنه يجتمع شيئان، ولأحدهما فعل، فيجعل الفعل لهما "، كقوله سبحانه: {يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ} [الأنعام:١٣٠]، والرسل من الإنس دون الجن " (٩).


(١) السمعاني: تفسير القرآن: ٥/ ١٦٢
(٢) السمعاني: تفسير القرآن: ٦/ ٩
(٣) السمعاني: تفسير القرآن: ٣/ ٧٢
(٤) الماوردي: النكت والعيون: ٢/ ١٧٠
(٥) الزجاج: معاني القرآن: ٢/ ٢٩٢
(٦) ابن عطية: المحرر الوجيز: ٢/ ٣٤٦
(٧) ابن كثير: تفسير القرآن العظيم: ٣/ ٣٤٠
(٨) الطبري: جامع البيان: ١٢/ ١٢٢
(٩) ابن قيبة: تأويل مشكل القرآن: ١/ ١٧٥

<<  <   >  >>