للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والراجح ـ والعلم عند الله تعالى ـ القول الذي عليه أكثر العلماء، والذي تؤيده النصوص، وهو دخولهم الجنة، وهو قول الأوزاعي، وابن أبي ليلى، وأبي يوسف، ومحمد بن الحسن، ونقل عن مالك، والشافعي، وأحمد، وهو قول أصحابهم، ورجحه الإمام ابن تيمية (١)، ورجحه الإمام ابن القيم، وذكر له عشرة أدلة، تؤيده، ثم قال: " لكن قيل: إنهم يكونون في ربض الجنة، يراهم أهل الجنة ولا يرونهم، كما كانوا في الدنيا يرون بني آدم من حيث لا يرونهم، ومثل هذا لا يعلم إلا بتوقيف تنقطع الحجة عنده، فإن تثبت حجة، يجب اتباعها، وإلا فهو مما يُحكى؛ ليعلم، وصحته موقوفة على الدليل " (٢).

المسألة الرابعة: هل يمكن أن يطأ الجني الإنسية:

ذكر السمعاني عند تفسير قوله تعالى: {فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ} [الرحمن:٥٦]، قولان لأهل التفسير:

الأول: أن المراد من الآية: الحور العين. والثاني: هن المؤمنات من الآدميات، وهو منقول عن الحسن البصري، وعلى القول الثاني، نشأت هذه المسألة:

فقال بعضهم يجوز أن يطأ الجني الإنسية، واستدل بظاهر الآية. وأما الأكثرون فقد أنكروا هذا، وقالوا: معنى الآية: (لَمْ يَطْمِثْهُنَّ): الجنية جني، والإنسية إنسي، وقوله (فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ)، يتناول الإنسيات والجنيات (٣).

والراجح ـ والله أعلم ـ أن الآية الكريمة، يستفاد منها:

أن الجني يغشى، كما يغشى الإنسي، لكن ظاهر الآية لا تدل على أنه يغشى الإنسية؛ لأن الظاهر من الآية، أن هؤلاء النسوة، لسن من نساء الدنيا، وإنما هن من الحور العين، ورجحه الإمام ابن القيم. (٤)

مع أن بعض العلماء بحث هذه المسألة من جهتين:


(١) ابن تيمية: النبوات: ٢/ ١٠١١
(٢) ابن القيم: مفتاح دار السعادة: ١/ ٣٧ - ٣٩، التفسير القيم: ٥٠٦
(٣) السمعاني: تفسير القرآن: ٥/ ٣٣٦
(٤) ابن القيم: التفسير القيم: ٥٠٦

<<  <   >  >>