للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولذا كان الصحيح في المسألة ـ والله أعلم ـ عدم جواز ذلك، فقد رُوي عن الحسن، وقتادة، والحكم، وإسحاق كراهة ذلك (١)، ورُوي من رواية ابن لهيعة، عن يونس، عن الزهري: نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن نكاح الجن (٢)، ونقل هذا الحديث السيوطي، ثم قال: "الحديث وإن كان مرسلاً، فقد اعتضد بأقوال العلماء، فروي المنع عن الحسن البصري، وقتادة، والحكم بن عتيبة، وإسحاق بن راهوية، وعقبة الأصم، وقال الجمال السجستاني من الحنفية، في كتاب منية المفتي عن الفتاوي السراجية: لا يجوز المناكحة بين الإنس، والجن، وإنسان الماء؛ لاختلاف الجنس " (٣).

ولذا عّدَّ بعض الفقهاء، أن من أسباب تحريم النكاح: اختلاف الجنس، فلا يجوز للآدمي نكاح جنية والعكس. قاله العماد بن يونس، وأفتى به ابن عبدالسلام، وتبعه شيخ الإسلام زكريا الأنصاري، واعتمده ابن حجر، قال: لأن الله تعالى، امتن علينا بجعل الإزواج من أنفسنا؛ ليتم التآنس بها، وجواز ذلك يفوت الامتنان. (٤)

وإن أفتى بعض الناس بحله وجوازه، فليكن هذا القول على أقل تقدير مبنياً على فقه الإمام مالك ـ إن صح النقل عنه ـ (٥) أنه سُئل، فقيل: إن ها هنا رجلاً من الجن، يخطب إلينا جارية، يزعم أنه يريد الحلال، فقال: ما أرى بذلك بأساً في الدين، ولكن أكره إذا وجدت امرأة حامل، قيل لها من زوجك، قالت: من الجن؛ فيكثر الفساد في الإسلام بذلك. (٦)


(١) ابن مفلح: الفروع: مؤسسة الرسالة: ط ١، ١٤٢٤ هـ (٢/ ٤٦٢)
(٢) قال الألباني: حديث منكر: انظر: سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة: (١٤/ ١٣٥)
(٣) السيوطي: الأشباه والنظائر: دار الكتب العلمية، ط ١، ١٤١١ هـ، (٢٥٧)
(٤) البكري: إعانة الطالبين على حل ألفاظ فتح المعين: دار الفكر، ط ١، ١٤١٨ هـ (٣/ ٣٢٨)
(٥) قال الشيخ الألباني عن أثر مالك: " وباطل في نقدي سنداً ومتناً "، وتتبع الألباني بعض الآثار التي استدل بها من ذهب إلى الجواز، ونقدها حديثياً وعلمياً. انظر: سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة: دار المعارف، الرياض، ط ١، ١٤١٢ هـ (١٢/ ٦٠٦)
(٦) الشبلي: آكام المرجان: ١٠٦

<<  <   >  >>