للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعلى هذا جرى قول المسلمين، وحصلت لأجله مناظرات، وتبعه ابتلاءات، لأئمة المسلمين؛ لإرغامهم على خلاف ما كان عليه السلف.

وقد فارق أئمة المسلمين وسلفهم الجهمية والمعتزلة، القائلين بخلق القرآن، وحين انتشر فسادهم، وغلب في بعض الأزمان قولهم، تصدى لهم أئمة الإسلام، فردوا عليهم، وبينوا عوار قولهم، وفساد معتقدهم، فألفوا المؤلفات، وصنفوا المصنفات، في الرد على الجهمية والمعتزلة على جهة العموم، والخصوص في هذه المسألة.

وأما معتقد إمامنا السمعاني في هذه المسألة، فقد أبانه وأوضحه، ثم رد على الجهمية والمعتزلة المخالفين لمنهج السلف وإجماعهم.

ويُشار في هذا المقام، إلى أن بعض المعتزلة، قد يطلق على القرآن: أنه غير مخلوق، ومرادهم أنه غير مختلق مفترى مكذوب، بل هو حق وصدق، ولا ريب في أن هذا المعنى منتفٍ باتفاق المسلمين. (١)

ومذهب السمعاني جارياً على وفق كلام السلف، فيقول:

ـ " مذهب أهل السنة، أنه سمع كلام الله حقيقة، بلا كيف " (٢).

ـ " قوله تعالى: {قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ} [الزُّمَر:٢٨]، روى الوالبي عن ابن عباس، أنه قال: " غَيْرَ ذِي عِوَجٍ " أي: غير مخلوق، وحكى سفيان بن عيينة عن سبعين من التابعين: أن القرآن ليس بخالق ولا مخلوق، وهذا اللفظ أيضاً منقول عن علي بن الحسين زين العابدين" (٣).

وبعد أن بيَّن السمعاني مذهب أهل السنة، وحكى عليه الإجماع، كما قال: " والقرآن كلام الله غير مخلوق، وعليه إجماع أهل السنة، وزعموا أن من قال: إنه مخلوق فهو كافر؛ لأن فيه نفي كلام الله تعالى " (٤) , وذكر قول المعتزلة، وتعلقهم الباطل، ببعض الدلائل القرآنية، فقال:


(١) ابن أبي العز: شرح الطحاوية: ٥٦
(٢) السمعاني: تفسير القرآن: ١/ ٣ - ٥
(٣) السمعاني: تفسير القرآن: ٤/ ٤٦٨
(٤) السمعاني: تفسير القرآن: ٥/ ٩٠

<<  <   >  >>