للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ـ وقال: " قوله تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} [الزُّخرُف:٣]، واستدل بهذا من زعم أن القرآن مخلوق، وذكر أن الجعل بمعنى الخلق، بدليل قوله تعالى: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا} [طه:٥٣]، أي: خلق لكم، وعندنا أن هذا التعلق باطل، والقرآن كلام الله غير مخلوق. وقد ورد الجعل في القرآن، لا بمعنى الخلق، قال تعالى: {وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا} [الزُّخرُف:١٩]، ومعناه: أنهم وصفوهم بالأنوثة، وليس المعنى أنهم خلقوهم " (١). ولذا كان هذا القول من شرِّ الأقوال، يقول وكيع:" لا تستخفوا بقولهم: القرآن مخلوق، فإنه من شر أقوالهم، وإنما يذهبون إلى التعطيل " (٢)، يقول البخاري: " ولقد اختصم يهودي ومسلم إلى بعض معطليهم، فقضى باليمين على المسلم، فقال اليهودي: " حلِّفه بالخالق لا بالمخلوق، فإن هذا في القرآن، وزعمت أن القرآن مخلوق، فحلَّفه بالخالق، فبهت الآخر، وقال: قوما حتى انظر في أمركما، وخسر هنالك المبطلون " (٣). ومن الأدلة التي ذكرها البخاري، على أن كلام الله تعالى غير مخلوق، قال: " باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يستعيذ بكلمات الله، لا بكلام غيره، وقال نُعيم: لا يُستعاذ بالمخلوق، ولا بكلام العباد، والجن، والإنس، والملائكة، وفي هذا دليل أن كلام الله غير مخلوق، وأن سواه مخلوق " (٤).


(١) السمعاني: تفسير القرآن: ٥/ ٩٠
(٢) البخاري: خلق أفعال العباد: ٣٧
(٣) البخاري: خلق أفعال العباد: ٤٤
(٤) البخاري: خلق أفعال العباد: ٩٦

<<  <   >  >>