للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والراجح ـ والعلم عند الله تعالى ـ هو القول الأول، المأثور عن السلف، إلا أن الزركشي حكى خلافاً عند القائلين بالتفضيل، هل هذا التفضيل عائد إلى ذات اللفظ، وما يحويه من المعاني العجيبة، أو هو عائد إلى مضاعفة الثواب، وعظم الأجر؟ قولان:

ورجح الأول، وذلك: أن ما أخبر الله تعالى به عن نفسه، أعظم مما أخبر به عن خلقه، وما أمر فيه بالإيمان ونهي فيه عن الشرك، أعظم مما أمر فيه بكتابة الدين، ونهى فيه الربا. (١)

وأما الإمام السمعاني، فهو مع القول بالتفاضل، ولكنه أشار إلى أن وجه التفاضل، قد يظهر من جهة الإعجاز، أو من جهة الثواب، أو من جهة النفع والسهولة. قال:" فإن قيل: إيش معنى: " نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا " وآيات القرآن سواء، لا فضل لبعضها على بعض. وإن أراد به الخير والسهولة، فقد نسخ الأسهل بالأشق، مثل الصوم كان على التخيير بينه وبين الفدية، فنسخه بصوم رمضان على الحتم، فما معنى الخيرية؟ قلنا: قد قيل: تقديره: نأت منها بخير، أي نرفع آية، ونأتي بآية، والصحيح: أنه أراد بالخير الأفضل، يعني: في النفع والسهولة، ومعناه " نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا " أي: أنفع وأسهل، " أَوْ مِثْلِهَا " في النفع والسهولة.

وأن نسخ الأسهل بالأشق، فمعنى الخير فيه بالثواب، فإن ثواب الأشق أكثر ... " (٢).

ومما يدل على القول بالتفاضل على المعنى السابق عند السمعاني:

١ ـ ما ذكره في كتابه القواطع؛ حيث قال: " أن قوله: " نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا " يقتضي أن الذي يأتي به، خير من الآية المنسوخة على الإطلاق " (٣)، وفَسَّر الخيرية بما أشرنا إليه.


(١) غانم الغانم: ترجيحات الزركشي في علوم القرآن: دار كنوز إشبيليا، الرياض، ط ١،١٤٣٠ هـ (٣٢٨)
(٢) السمعاني: تفسير القرآن: ١/ ١٢٤
(٣) السمعاني: قواطع الأدلة في الأصول: دار الكتب العلمية، بيروت، ط ١، ١٤١٨ هـ، (١/ ٤٥٣)

<<  <   >  >>