للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا يلزم من القول بالمجاز في القرآن، أن يتعدى به إلى آيات الصفات؛ فآيات الصفات باقية على حقيقتها؛ لأن الأصل في الكلام الحقيقة حتى يرد دليل إرادة المجاز، ولهذا يقول السمعاني: وإذا ثبت جواز المجاز في القرآن والسنة، فلكل مجاز حقيقة، وليس لكل حقيقة مجازا؛ لأن الحقيقة أصل المجاز، فافتقر المجاز إلى الحقيقة، ولم تفتقر الحقيقة إلى المجاز (١).

ومما يدل على إبقاء السمعاني نصوص الصفات على حقائقها ما يلي:

١ - تعامله مع ظواهر هذه النصوص دون تأويل، وشاهده: ما ورد في كلامه عند تفسير قوله تعالى: (وجاء ربك والملك صفا صفا) قال: (وجاء ربك) هو من المتشابه الذي يؤمن به ولا يُفسر، وقد أول بعضهم: وجاء أمر ربك، والصحيح ما ذكرنا (٢).

٢ - أنه حين أورد دليل القائلين بإنكار المجاز في القرآن، قال: وأما قولهم: إنه لو جاز ذلك، لجاز أن يُسمى الرب عز وجل متجوزا أو مستعيرا، قلنا: عندنا لا يجوز أن يُسمى الرب تعالى، أو يوصف بوصف إلا الذي ورد به القرآن والسنة (٣).

٣ - استخدامه للمجاز في نفي معنى فاسد؛ كما في قوله تعالى: (إن الذين يُؤذون الله ورسوله) قال: وأصح القولين أن قوله: (يؤذون الله) على طريق المجاز، وأما على الحقيقة فلا يلحقه أذى من قبل أحد (٤).

٤ - عدم قبوله للمجاز في بعض التأويلات؛ كمن قال بالمجاز في قوله تعالى: (أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم)، فقال: قال بعض أهل العلم ظهور الآية منها كلام ونطق على وجه المجاز، لا أنها تتكلم، والأصح أنها تتكلم (٥)، ومثله في قوله تعالى: (قالتا أتينا طائعين)، قال: منهم من قال: هذا كله على طريق المجاز، وليس على طريق الحقيقة، وقال بعضهم: إن القول والإجابة على طريق الحقيقة، وهذا هو الأولى (٦).

وبنظرة سريعة في تفسير السمعاني، يجد الناظر تعامل السمعاني الواسع لهذا الفن من البلاغة في تفسيره، ومن ذلك:


(١) - السمعاني: مرجع سابق: ١/ ٢٦٩
(٢) - السمعاني: تفسير القرآن: ٦/ ٢٢٢
(٣) - السمعاني: قواطع الأدلة: ١/ ٢٦٨
(٤) - السمعاني: تفسير القرآن: ٤/ ٣٠٦
(٥) - السمعاني: مرجع سابق: ٤/ ١١٥
(٦) - السمعاني: مرجع سابق: ٥/ ٤٠

<<  <   >  >>