للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والإيمان واجب بكل الأنبياء، قال الضحاك: " علموا أولادكم أسماء الأنبياء المذكورين في القرآن، كي يؤمنوا بهم، ولا تظنوا أن الإيمان بمحمد يكفي عن الإيمان بسائر الأنبياء " (١).

وقال تعالى: {وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ} [الرعد:٢١]، يقول السمعاني: " يعني: يؤمنون بجميع الأنبياء " (٢). والنبوة محض فضل من الله تعالى، على من يشاء من عباده، قال سبحانه: {بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} [البقرة:٩٠]، والفضل هو النبوة على الأنبياء. (٣)

ويقول تعالى: {وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ} [البقرة:١٠٥]، يقول السمعاني: " قال ابن عباس وأكثر المفسرين: الرحمة بمعنى النبوة هاهنا " (٤). أما الفلاسفة فيرون أن النبوة مكتسبة، فصار كثير منهم يطلب أن يصير نبياً؛ لأن النبي عندهم تكون له كمال القوة العلمية، وكمال قوة السمع والبصر، وكمال قوة النفس، بحيث يعلم، ويسمع، ويبصر، ما يقصر غيره عنه، ويفعل في العالم بهمته، ما يعجز عنه غيره. (٥)

وقد انصب اهتمام السمعاني في بيان هذا الركن على عدة جهات:

١ - تعريف النبوة والرسلة، والفرق بينهما.

٢ - معرفة أسماء الأنبياء الواردة في القرآن الكريم.

٣ - بيان خصائص الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وأشار إلى عدة مسائل:

(الوحي، والعصمة، والمعجزات).

٤ - خَصَّ نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بمزيد عناية وبيان، فأشار إلى:

(أسمائه ونسبه، وبعض خصائصه، وحكم تنقصه وأذيته؟).

والمتتبع لكلام السمعاني يجد التحقيق والتدقيق في المسائل، والسير على المنهج القرآني، وكلامه يُعد تأصيلا للمنهج الصحيح، وردا على المناهج والآراء المخالفة، سواء من أنكر النبوات مطلقا، أو أعمل عقله الفاسد في هذا الباب، وسيظهر في ثنايا هذ المبحث شيء من هذا.


(١) السمعاني: تفسير القرآن: ١/ ١٤٤
(٢) السمعاني: تفسير القرآن: ٣/ ٨٩
(٣) السمعاني: تفسير القرآن: ١/ ١٠٨
(٤) السمعاني: تفسير القرآن: ١/ ١٢٠
(٥) ابن تيمية: شرح الأصفهانية: ١٠٦

<<  <   >  >>