للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والسمعاني بهذا يشير إلى الأقوال التي قيلت في هذه المسألة , وقد نُسِبَ القول الأول إلى المعتزلة، فقد صَرَّح القاضي عبدالجبار بأنه لا فرق بين الرسول والنبي من جهة الاصطلاح (١)، وقال الرازي: " وقالت المعتزلة: كل رسول نبي، وكل نبي رسول، ولا فرق بينهما " (٢)، وقد خالف الزمخشري جمهور المعتزلة في هذا، وقال بالتفريق بينهما (٣). والأشاعرة يوافقون أهل السنة في التفرقة بين الرسول والنبي، ثم ذكروا في الفرق بينهما أقوالاً، ذكرها الرازي في تفسيره، وذكر شارح الطحاوية أن أحسن ما قيل في الفرق بينهما، " أن من نبأه الله بخبر السماء، إن أمره أن يبلغ غيره فهو نبي رسول، وإن لم يأمره أن يبلغ غيره، فهو نبي وليس برسول " (٤)، واعتراض الشيخ الأمين الشنقيطي على هذا التفسير (٥)، بدلالة قول تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ} [الحج:٥٢]؛ لأنه يدل على أن كلا منهما مرسل. وقد أجاب بعض العلماء عن الاستدلال بهذه الآية، في اعتراضهم على الفرق السابق، فقال: " أصحاب التعريف السابق لا يمنعون إرسال النبي، ولكن هل النبي بعد الإرسال، ظل نبياً أم ارتقى وأصبح رسولاً؟ فإن قال بعد الإرسال ما زال نبياً، فهذا محل نظر، ولهذا فلا ينهض استدلاله لنقد رأي الجمهور " (٦).


(١) عبدالجبار: شرح الأصول الخمسة: مكتبة وهبة، ١٣٨٤ هـ، (٥٦٧)
(٢) الرازي: مفاتيح الغيب: ٢٣/ ٢٣٦
(٣) الزمخشري: الكشاف: ٣/ ١٦٤
(٤) ابن أبي العز: شرح الطحاوية: ١٦٧
(٥) الشنقيطي: أضواء البيان: ٥/ ٢٩٠
(٦) أحمد عبداللطيف: نبوة النساء: مكتبة العلوم والحكم، مكة، ط ١، ١٤٣٦ هـ (٢١)

<<  <   >  >>