للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٤ - ثناؤه العاطر على جهود علماء أهل السنة والجماعة، ومن ذلك قوله بعد بيان تهافت القول بالصرفة: ولا يحتمل هذا الموضوع بيان وجوه الإعجاز في القرآن، وقد كفينا مؤنة ذلك بحمد الله بمنه، وأعني بذلك جماعة من علماء أهل السنة، والله يشكر سعيهم، ويرحمهم وإيانا بمنه (١).

ثالثا: المنهج المعرفي للسمعاني: يقوم على الوحي، فهو يُقر أصالة بدلالة الوحي، وأنها مصدر المعارف الصحيحة المتعلقة بالغيبيات وغيرها، ولذا كان من الطبيعي أن يكون السمعاني معظما للنصوص، مُسلِّما لها، لا يتعرض لها برد ولا بتأويل فاسد، ولا يُعارضها بهوى أو عقل أو ذوق أو قياس، يقول في بيان ذلك: واعلم أن الخطة الفاصلة بيننا وبين كل مخالف، أننا نجعل أصل مذهبنا الكتاب والسنة، ونستخرج ما نستخرج منهما، ونبني ما سواهما عليهما، ولا نرى لأنفسنا التسلط على أصول الشرع حتى نقيمها على ما يوافق رأينا وخواطرنا وهواجسنا، بل نطلب المعاني، فإن وجدناها على موافقة الأصول من الكتاب والسنة، أخذنا بذلك وحمدنا الله تعالى على ذلك. وإن زاغ بنا زائغ، ضعفنا عن سواء صراط السنة، ورأينا أنفسنا قد ركبت البنيان، وبركت الجدد، اتهمنا آراءنا، فرجعنا بالآية على نفوسنا، واعترفنا بالعجز، وأمسكنا عنان العقل؛ لئلا يتورط بنا في المهالك والمهاوي، ولا يعرضنا للمعاطب والمتالف، وسلمنا الكتاب والسنة عليها، وأعطينا المقادة، وطلبنا السلامة، وعرفنا أن قول سلفنا من أن الإسلام قنطرة لا تعبر إلا بالتسليم (٢).

رابعا: سعة علمه بمقالات المخالفين: وهذه السعة أكسبته معرفة دقيقة بالشبه التي عولوا عليها للاستدلال لمذاهبهم، وتمرير أفكارهم، استطاع السمعاني من خلالها الرد على هذه الشبه وتفنيدها، وقد محا قلم السمعاني كثيرا من شبه المتكلمين من المعتزلة القدرية وغيرهم.


(١) - السمعاني: قواطع الأدلة: ١/ ٣٠
(٢) - السمعاني: قواطع الأدلة: ١/ ٣٧٠

<<  <   >  >>