للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أولاً: أنه حي، ومعنى الآية، كما قال الحسن البصري: " يَاعِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ " أي: قابضك من الأرض، قال السمعاني: وهو صحيح عند أهل اللغة، فيقال: توفيت حقي من فلان، أي قبضت. ففي الآية تقديم وتأخير، وتقديره: إني رافعك إليَّ ومتوفيك، أي بعد النزول من السماء، وهذا محكي عن ابن عباس، وعليه تدل النصوص الصحيحة، في نزوله آخر الزمان، وقتله الدجال، وأنه يعيش بعد ذلك سبع سنين، ويتزوج، ويولد له، ثم يموت، ويصلي عليه المؤمنون من هذه الأمة.

ثانياً: أن الآية على حقيقة الموت، وأن عيسى قد مات، ثم أحياه الله تعالى، ورفعه إلى السماء، قال وهب بن منبه: أماته الله ثلاث ساعات من النهار، ثم أحياه، ورفعه إليه، وهذا قول آخر لابن عباس.

ثالثاً: أن المراد بالتوفي: النوم، وكان عيسى قد نام، فرفعه الله نائماً إلى السماء.

ورجح السمعاني القول الأول، واستدل بقوله عليه الصلاة والسلام: " رأيت المسيح بن مريم يطوف بالبيت " (١)، قال: فدل على أن الصحيح: أنه في الأحياء. (٢)

وختاماً: أشار السمعاني إلى قول أهل العلم: أن أربعة من الأنبياء أحياء، اثنان في السماء، واثنان في الأرض، أما اللذان في السماء: فإدريس وعيسى، وأما اللذان في الأرض: فالخضر وإلياس. (٣)

وذكرنا أن الصحيح: في عيسى أنه حي في السماء، وأما إدريس، فقد ذكر السمعاني الخلاف فيه سابقاً، والراجح أنه ميت ليس بحي.

وأما إلياس والخضر، فقد ذكر السمعاني في ذلك قصة، تدل على بقائهما أحياء. (٤)


(١) أخرجه البخاري في صحيحه، باب الجعد، ح (٥٩٠٢)
(٢) السمعاني: تفسير القرآن: ١/ ٣٢٤
(٣) السمعاني: تفسير القرآن: ٣/ ٣٠٠، وهو منسوب لكعب الأحبار، انظر: ابن كثير: البداية والنهاية: ١/ ٣٩٤
(٤) السمعاني: تفسير القرآن: ٤/ ٤١٢

<<  <   >  >>