للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولذا كان من كذب رسولاً واحداً، فقد كذب بجميع الرسل، قال تعالى: {وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ} [الفرقان:٣٧]، يقول السمعاني: " الرُّسُلَ " أي الرسول، جمع بمعنى الواحد، ويُقال: من كذب رسولاً واحداً، فقد كذب جميع الرسل، فلهذا قال: " كَذَّبُوا الرُّسُلَ " (١)، ومثله قوله تعال: {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ (١٠٥)} [الشعراء:١٠٥]، فإنما ذكر المرسلين؛ لأن من كذب رسولاً، فقد كذب جميع الرسل. (٢)

٢ ـ أنهم لا يأخذون جُعلاً على دعوتهم، قال تعالى: {وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء:١٠٩]، يقول السمعاني: " قال أهل العلم: ولا يجوز للنبي أن يأخذ جُعلاً على النبوة؛ لأنه يُؤدي إلى تنفير الناس عن قبول الإيمان، ويجوز أن يأخذ الهدية؛ لأنه لا يُؤدي إلى التنفير " (٣). ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قبل الهدية، فلِمَ لم يقبلها سليمان، حين أرسلت بها ملكة سبأ؟ قال أهل العلم: وقد كان الأنبياء لا يقبلون هدايا المشركين، ولذا رُوي أن ملكة سبأ قالت: إن كان ملكاً، فأرضيه بالمال، وإن كان نبياً فلا يرضى بالمال. (٤)

٣ ـ أنهم كلهم أولو عزم وحزم، وعقل ورأي، قال تعالى: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} [الأحقاف:٣٥]، وقد نقل السمعاني خلاف المفسرين في المراد بأولي العزم على أقوال:

أ ـ أنهم أربعة: نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى عليهم السلام. قال: وعليه أكثر المفسرين.

ب ـ أنهم من صبر: فنوح صبر على أذى قومه، وإبراهيم صبر على النار، وإسحاق صبر على الذبح، ويعقوب صبر على فقد الولد، ويوسف صبر على السجن، وأيوب صبر على الضر. ونقله عن مقاتل.

ج ـ وقيل: أولو العزم ثلاثة: نوح، وهود، وإبراهيم.


(١) السمعاني: تفسير القرآن: ٤/ ٢٠
(٢) السمعاني: تفسير القرآن: ٤/ ٥٧
(٣) السمعاني: تفسير القرآن: ٤/ ٥٨
(٤) السمعاني: تفسير القرآن: ٤/ ٩٦ - ٩٨

<<  <   >  >>