للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقيل: إن الوحي هاهنا هو الإلهام، وأما إتيان جبريل فكان بعد هذا (١). والذي يدل على أن معنى الوحي في الآية الكريمة هو الإلهام، قوله تعالى: {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا} [يوسف:٢٢]، فقد فُسِّر الحكم بالنبوة (٢)، فدل على أن الأول كان إلهاماً.

وأما يحيى عليه السلام، فقد ذهب أكثر المفسرين أنه أوتي النبوة وهو صغير، كما أفاده السمعاني، قال تعالى: {يَايَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا} [مريم:١٢]، وقيل: المراد بالحكم هنا: العلم، فقرأ التوراة وهو صغير، وقيل: إن يحيى قيل له وهو صغير: تعال نلعب، فقال: ما للعب خُلقت، فهو معنى قوله تعالى: " وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا " (٣). ورجح الرازي حمله على النبوة لوجهين ذكرهما وأشار إليهما (٤)، ورجح آخرون: أن المقصود بالآية: يعني: هديناه صغيراً، كما قال لإبراهيم: {وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ} [الأنبياء:٥١]، قال الفراء: أي أعطيناه هداه (٥)، وهو أحد القولين اللذين ذكرهما السمعاني، والآخر النبوة (٦)، والأول أقرب، أي: من صغره ألهمه الحق والحجة على قومه. (٧)


(١) السمعاني: تفسير القرآن: ٣/ ١٤
(٢) السمعاني: تفسير القرآن: ٣/ ٢٠
(٣) السمعاني: تفسير القرآن: ٣/ ٢٨٢
(٤) الرازي: مفاتيح الغيب: ٢١/ ٥١٦
(٥) الثعلبي: الكشف والبيان: ٦/ ٢٧٨ ـ القرطبي: الجامع لأحكام القرآن: ١١/ ٢٩٦
(٦) السمعاني: تفسير القرآن: ٣/ ٣٨٥
(٧) ابن كثير: تفسير القرآن العظيم: ٥/ ٣٤٧

<<  <   >  >>