للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالوحي هو الحق وهو مما اختص به الله تعالى، قال تعالى: {مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ} [الحِجر:٨]، يقول السمعاني: " الحق الذي تنزل به الملائكة: هو الوحي، وقبض أرواح العباد ... " (١)، وقال تعالى: {وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} [سبأ:٢٣]، يقول السمعاني: " وقوله: " قَالُوا الْحَقَّ " أي: قولوا: قال الله تعالى الحق، أي: الوحي " (٢). ولما كان كذلك أخبر الله تعالى، أن الشياطين ليسوا أهلاً لإنزال الوحي، وذلك حين قال المشركون: إن شيطاناً ينزل على محمد فيلقنه القرآن، فقال تعالى: {وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ (٢١٠) وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ (٢١١)} [الشعراء:٢١٠ - ٢١١]، أي: لا يستطيعون إنزال الوحي، " إنهم عن السمع لمعزولون " أي: لمحجوبون، فإنهم حجبوا من السماء ومنعوا بالشهب. (٣)

وبذا يتبيَّن في هذا المقام التزام السمعاني بمنهج السلف، في هذه القضية التي زلت فيها أقدام (٤)، فالعلماء متفقون على أن القرآن كلام الله عز وجل، ووحيه الذي أنزله على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم (٥)، " وننبه هنا على أن الوحي بأنواعه الثلاثة، من الأمور الممكنة عقلاً، الجائز وقوعها، وأنه لا حجر على الله في قدرته القادرة في واحدة من الممكنات. وقد أثبت الله في كتابه هذه الأنواع الثلاثة للوحي، وهو العليم الخبير، فما علينا إلا التسليم " (٦).


(١) السمعاني: تفسير القرآن: ٣/ ١٣٠
(٢) السمعاني: تفسير القرآن: ٤/ ٣٣١
(٣) السمعاني: تفسير القرآن: ٤/ ٦٨
(٤) انظر: عبدالله القرني: المعرفة في الإسلام: ٨٦ وما بعده.
(٥) ابن القطان: الإقناع: ١/ ٤٩
(٦) عبدالرحمن حبنكة: العقيدة الإسلامية: دار القلم، دمشق، ط ٨، ١٤١٨ هـ (٤٦١)

<<  <   >  >>