للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثامنا: ميله في الغالب لقول الجمهور: ففي الغالب يميل السمعاني في المسائل العقائدية التي جرى فيها خلاف إلى قول جمهورهم، فمثلا: في مسألة التوبة من القتل العمد، حين حكى خلاف السلف فيه، رجح قول أكثرهم، فقال: والأصح، والذي عليه الأكثرون، وهو مذهب أهل السنة: أن لقاتل المؤمن عمدا توبة (١)، ومثله: حين ذكر الخلاف في حقيقة تكلم النار، في قوله تعالى: (وتقول هل من مزيد) (ق ٣٠)، فقال: والأصح أن هذا النطق من جهنم على طريق الحقيقة، وهذا اللائق بمذهب أهل السنة في الإيمان بتسبيح الجمادات (٢).

تاسعا: عدم الإغراق في الردود: فالمتتبع لأسلوب السمعاني يجد أنه يكتفي في الردود في باب العقائد، بأقربها إلى الفهم وأيسرها وأوضحها، ولا تكاد تجده يُغرق في هذا الباب، بل يكتفي بنقض قول المخالف بأقرب عبارة. وهذا يُبين أسلوب السمعاني التصنيفي في هذا الباب؛ فأسلوبه في باب التقرير، يختلف عن أسلوبه في باب الرد والتفنيد، ففي تقرير المسائل العقائدية يُسهب غالبا في إيراد الأقوال والأدلة، وأوجه الاستدلال، في حين يُوجز في الرد على شبهات المخالفين على الأغلب من شأنه، ما لم يقتض الأمر إسهابا.

عاشرا: الاحتجاج بالسنة في باب العقائد مطلقا، متواترها وآحادها، وقد نافح السمعاني بشدة في كتابيه الانتصار والقواطع عن حجية خبر الواحد، وأنه يفيد العلم، وقال عند تفسير قوله تعالى: (فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون) (التوبة ١٢٢): واستدل أهل الأصول بهذه على وجوب قبول خبر الواحد، والمسألة في الأصول كبيرة (٣)، وقال في الانتصار: إن الخبر إذا صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورواه الثقات والأئمة، وأسنده خَلَفَهم عن سلفهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتلقته الأمة بالقبول، فإنه يُوجب العلم فيما سبيله العلم (٤).


(١) - السمعاني: تفسير القرآن: ١/ ٤٦٣
(٢) - مرجع سابق: ٥/ ٢٤٥
(٣) - مرجع سابق: ٢/ ٣٦٠
(٤) - السمعاني: الانتصار: ٣٤، وانظر: قواطع الأدلة: ١/ ٣٣٢

<<  <   >  >>