للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- قال في تفسير قوله تعالى: (وإياك نستعين) (الفاتحة ٥): إنما كرره ... ليعلم أنه المعبود، وأنه المستعان، وعلى أن العرب قد تتكلم بمثل هذا، قد يدخل الكلام تجريدا أو تفخيما وتعظيما، ولا يُعد ذلك عيبا؛ كما تقول العرب: هذا المال بين زيد وبين عمرو، وإن كان يفيد قولهم: المال بين زيد وعمرو، ما يفيد الأول، ولا يُعد ذلك عيبا، بل عُدَّ تفخيما وتجزيلا للكلام (١).

- وقال في تفسير قوله تعالى: (بديع السموات والأرض) (الأنعام ١١٧): أي مبدعها، قال ابن عباس: هو الخالق لا على مثال سبق، ومنه المبتدع؛ لأنه أحدث ما لم يسبق إليه (٢).

- وقال في تفسير قوله تعالى: (ولئن اتبعت أهواءهم) (البقرة ١٢٠): قيل: إنه خطاب للنبي، والمراد به الأمة؛ لأنه كان معصوما من اتباع الأهواء (٣).

خامسا: جمعه بين النصوص والتأليف بينها: ومن النماذج التي أبرزها السمعاني في هذا الباب، ما يتعلق بمسألة الرؤية، فقد ذكر أن مذهب أهل السنة: أن الرؤية حق، ورد بها القرآن والسنة، واحتج لها بالنصوص الواردة في ذلك، وأورد على هذه النصوص المثبتة، قوله تعالى: (لا تدركه الأبصار) (الأنعام ١٠٣)، وبين أنه لا تعارض بينها، وقد ذكر في وجه الجمع بينها طريقين:

١ - قوله: فالإدراك غير الرؤية؛ لأن الإدراك هو الوقوف على كنه الشيء وحقيقته، والرؤية هي المعاينة، وقد تكون بلا إدراك، قال الله تعالى في قصة موسى: (فلما ترآء الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون قال كلا) فنفى الإدراك مع إثبات الرؤية، وإذا كان الإدراك غير الرؤية، فالله تعالى يجوز أن يُرى، ولكن لا يُدرك كنهه؛ إذ لا كنه له حتى يُدرك، وهذا كما أنه يعلم ويعرف ولا يُحاط به، كما قال: (ولا يحيطون به علما) فنفى الإحاطة مع ثبوت العلم.


(١) - السمعاني: تفسير القرآن: ١/ ٣٧
(٢) - السمعاني: مرجع سابق: ١/ ١٣٠
(٣) - السمعاني: مرجع سابق: ١/ ١٣٣

<<  <   >  >>