للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ ـ أنه من أبلغ الأدلة في الاحتجاج على المنكرين، ولذا قال تعالى: {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} [القيامة:٤٠]، أي: أليس الله الذي خلق الإنسان من النطفة، بقادر على أن يحيي الموتى؟ يعني: هو قادر (١). وقال تعالى: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ (٥٨) أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ} [الواقعة:٥٨ - ٥٩]، نقل السمعاني عن الأزهري قوله: " إن الله احتج عليهم بأبلغ دليل في البعث والإحياء بعد الموت في هذه الآية، وذلك أن المني الذي يسقط من الإنسان ميت، ثم يخلق الله منه شخصاً حياً، وقد كانوا مقرين أن الله خلقهم من النطف، وكانوا منكرين للإحياء بعد الموت، فألزمهم أنهم لما أقروا بخلق حي من نطفة ميتة، يلزمهم أن يقروا بإعادة الحياة في ميت، ومعنى الآية: كما أقررتم بذلك فأقروا بهذا ". (٢)

٣ ـ أن الكفار قولهم في البعث متناقض، كما قال تعالى: {إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ} [الذاريات:٨]، يقول السمعاني: " ومعنى التناقض في هذا: أنهم أقروا بالنشأة الأولى، وأنكروا النشأة الأخرى، وهذا تناقض؛ لأن من قدر على النشأة الأولى، فهو على النشأة الأخرى أقدر ". (٣)

ب ـ الاستدلال بإحياء الأرض الميتة على البعث: وقد استدل بها السمعاني على إثبات البعث، ومن ذلك:

ـ قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [الأعراف:٥٧]، يقول السمعاني في وجه الدلالة: " استدل بإحياء الأرض بعد موتها، على إحياء الموتى، وفي ذلك دليل بيِّن ". (٤)


(١) السمعاني: تفسير القرآن: ٦/ ١١١
(٢) السمعاني: تفسير القرآن: ٥/ ٣٥٤
(٣) السمعاني: تفسير القرآن: ٥/ ٢٥٢
(٤) السمعاني: تفسير القرآن: ٢/ ١٩٠

<<  <   >  >>