للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والذي يترجح في هذه المسائل ـ والعلم عند الله تعالى ـ: أن الذي يوزن، الأعمال، والعامل، وصحائف الأعمال، يقول ابن كثير: " وقد يمكن الجمع بين هذه الآثار، بأن يكون ذلك كله صحيحاً، فتارة توزن الأعمال، وتارة توزن محالها، وتارة يوزن فاعلها ". (١)

وأن الميزان واحد، وإنما جاء اللفظ بالجمع، باعتبار تعدد الموزون. (٢)

وبقي أن نشير إلى أن السمعاني أورد قضيتين:

الأولى: فيما يتعلق بوزن أعمال الكفار، فقد أورد تساؤلاً في التوفيق بين قوله تعالى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا} [الأنبياء:٤٧]، وبين قوله تعالى: {فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا} [الكهف:١٠٥]، فأجاب عنه: بأن المعنى: أي: لا يستقيم وزنهم على الحق، فإن ميزانهم شائل ناقص خفيف (٣). وهذه المسألة محل خلاف عند العلماء، وما ذكره السمعاني هو الراجح ـ والعلم عند الله ـ وذلك أنها توزن، وإن لم تكن لهم حسنات تنفعهم، يقابل بها كفرهم؛ لإظهار شقائهم، وفضيحتهم على رؤوس الخلائق. (٤)

والثانية: أشار السمعاني إلى بعض صفات الميزان، وهو أن له لسانا وكفتين، أما الكفتان فقد ذكر ابن القطان إجماع العلماء على ذلك، فقال: " وأجمعوا أن كفة السيئات تهوي إلى جهنم، وأن كفة الحسنات تهوي عند زيادتها إلى الجنة " (٥)، وأما اللسان فهو وارد عن ابن عباس وجماعة. (٦)

٣ ـ وأجمع العلماء على أن الخلق يُؤتون بصحف أعمالهم، فمن أوتي كتابه بيمينه حوسب حساباً يسيراً، ومن أوتي كتابه بشماله، فأولئك يصلون سعيراً. (٧)

وقد أثبت السمعاني هذا المعنى المجمع عليه، وقال: " الكتاب: هو صحيفة الحسنات والسيئات ". (٨)


(١) ابن كثير: تفسير القرآن العظيم: ٣/ ٣٩٠
(٢) ابن عطية: المحرر الوجيز: ٤/ ٨٥
(٣) السمعاني: تفسير القرآن: ٣/ ٣٨٤
(٤) ابن كثير: النهاية في الفتن والملاحم: دار الجيل، بيروت، ١٤٠٨ هـ (٢/ ٣٦)
(٥) ابن القطان: الإقناع: ١/ ٥٥
(٦) القرطبي: التذكرة: ٧٢٤
(٧) ابن القطان: الإقناع: ١/ ٥٥
(٨) السمعاني: تفسير القرآن: ٣/ ٢٦٤

<<  <   >  >>