للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد أثبت السمعاني الحوض بصفاته الواردة في السنة النبوية المطهرة، وذكر خلاف العلماء في الكوثر، هل هو الحوض أم لا؟!. وذكر حديث أنس رضي الله عنه قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم بين أظهرنا، إذ أغفى إغفاءة، ثم رفع رأسه متبسماً، فقلت: ما أضحكك يا رسول الله؟ فقال: أنزل عليَّ آنفاً سورة، فقرأ: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (١) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (٢) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (٣)} [الكوثر:١ - ٣]، ثم قال: أتدرون ما الكوثر؟ قلنا: الله ورسوله أعلم. قال: نهر وعدنيه ربي خيراً كثيراً، هو حوض ترد عليه أُمتي يوم القيامة، آنيته عدد نجوم السماء، فيختلج العبد منهم، فأقول: رب إنه من أمتي، فيقول: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك " (١)، ثم ذكر خلافاً عند العلماء، فذكر أنه نهر في الجنة، وقيل: إن الخير الكثير، وقيل: القرآن، وقيل: العلم والقرآن. (٢)

وقال القرطبي: " والصحيح: أن للنبي صلى الله عليه وسلم حوضين، وكلاهما يُسمى كوثراً، وأن الحوض الذي يُذاد عنه من بَدَّل وغيَّر، يكون في الموقف قبل الصراط ". (٣)

٦ ـ والشفاعة حق، فقد أجمع العلماء على الإيمان بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لأهل الكبائر من أمته (٤). وقد أثبت السمعاني الشفاعة بأنواعها، وجمع بين النصوص الواردة في إثبات الشفاعة ونفيها، ونُجمل عقيدة السمعاني في الشفاعة في أمور:

أ ـ أن الشفاعة لله جميعاً، كما قال جل وعز: {قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا} [الزُّمَر:٤٤]، يقول السمعاني: " معناه: أنه لا يشفع أحد إلا بإذنه، فالشفاعة من عنده؛ لأنها لا تكون إلا بإذنه". (٥)


(١) أخرجه مسلم في صحيحه، باب حجة من قال: البسملة آية من أول كل سورة سوى براءة، ح (٤٠٠)
(٢) السمعاني: تفسير القرآن: ٦/ ٢٩٠
(٣) القرطبي: التذكرة: ٧٠٣
(٤) ابن القطان: الإقناع: ١/ ٥٦
(٥) السمعاني: تفسير القرآن: ٤/ ٤٧١

<<  <   >  >>