للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانياً: ذراري المشركين: فقد حكى السمعاني خلاف العلماء فيهم، بناء على اختلاف الروايات في المسألة، فقيل: هم خدم أهل الجنة، وقيل: هم في النار مع آبائهم، وقيل: بالتوقف؛ لأن النبي سُئل عنهم، فقال: " الله أعلم بما كانوا عاملين " (١)، ولذا رجح السمعاني هذا القول، فقال: " والأولى أن يتوقف، ويوكل علم ذلك إلى الله تعالى، وهم على مشيئته، يفعل بهم ما يشاء " (٢)، وقال في موطن آخر: " والأصح أن الأمر فيهم على التوقف " (٣)، وقد ناقش ابن حزم المسألة، ورجح أنهم من أهل الجنة (٤). وهذه المسألة محل بحث وأخذ ورد عند العلماء، وابن القيم ناقش الأدلة، ونصر القول بامتحانهم يوم القيامة بطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم. (٥)

وهكذا نرى منهج الإمام السمعاني في هذا الباب متسقا تمام الاتساق مع المنهج القرآني، والمنهج السلفي القائم على التسليم المطلق للنصوص، والإيمان الجازم بكل ما دلت عليه. والإثبات تمييز للضد، فإثباته ردٌ على كل منكر أو متأول، فسيما أهل البدع إنكار كثير من الغيبيات التي دلت عليها النصوص؛ فمنهم من أنكر حقيقة الميزان، أو الحوض، أو الصراط، أو الشفاعة لأهل الكبائر، أو خلود الجنة والنار، وكل ذلك مبثوث في كتب المقالات، ومعروف في كلام القوم.

فجاءت آراء الإمام السمعاني سادة لهذا الخلل، ومقومة للإعوجاج الذي طرأ على العقيدة الصحيحة.


(١) أخرجه البخاري في صحيحه، باب ما قيل في أولاد المشركين: ح (١٣٨٣)
(٢) السمعاني: تفسير القرآن: ٦/ ١٦٦
(٣) السمعاني: تفسير القرآن: ٥/ ٢٧٣
(٤) ابن حزم: الفِصل: ٤/ ٦٠
(٥) ابن القيم: التفسير القيم (٤٥١)

<<  <   >  >>