للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالقدر يشمل علم الله تعالى، وكتابته، وما طابق ذلك من مشيئته وخلقه (١)، وقد فسَّره الإمام أحمد بالقدرة، فقال: القدر قدرة الله، واستحسن ابن عقيل هذا الكلام جداً، وقال: هذا يدل على دقة علم الإمام أحمد، وتبحره في معرفة أصول الدين " (٢)، قال ابن القيم:" وهو كما قال أبو الوفاء، فإن إنكار القدر، إنكار لقدرة الرب على خلق أعمال العباد، وكتابتها، وتقديرها ". (٣)

وباب القدر من الأبواب العظيمة التي زلت فيها أقدام أقوام، لم تستطع أفهامهم ولا عقولهم أن تعي معاني هذا الباب، فوقعت في الزلل، وجرى عليها الخطأ والخلل.

وقد خاض السمعاني غمار هذا البحث، وأبان عن المنهج القرآني الذي يجب على المسلم أن يسير عليه، وقد ظهر اهتمام السمعاني بهذا الركن من عدة جهات:

١ - أبان عن مراتب القضاء والقدر بأدلتها.

٢ - رد على المخالفين، وفند أدلتهم، وأظهر عوارها.

٣ - أشار إلى مسائل متعلقة بالقدر، بحثها بحثا علميا دقيقا، وفق في أغلبها، غير أن منازلته للمعتزلة القدرية، ومناكفته لهم، أوقعته في بعض الهفوات التي لا يخلو منها أحد، فوقع كلامه في بعض المسائل متوافقا مع المذهب الأشعري، وقد أبنت وجه الحق فيها، والحق احق أن يُتبع؛ كمسألة التحسين والتقبيح العقليين.


(١) ابن تيمية: جامع الرسائل والمسائل: ٢/ ٣٥٥
(٢) ابن القيم: شفاء العليل: دار المعرفة، بيروت، ١٣٩٨ هـ، (٢٨)
(٣) ابن القيم: شفاء العليل: ٢٨

<<  <   >  >>