للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونُشير أخيراً إلى تحكم وتناقض القدرية المعتزلة في تعاملهم مع النصوص، فهم لم يمتنعوا من إعمال العموم المستفاد من كلمة (كل) في قوله تعالى: {وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [البقرة:٢٩]، المفيد عموم علمه ولكنهم امتنعوا من إعماله في النصوص المفيدة عموم خلقه، كقوله تعالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الزُّمَر:٦٢]، مع أن صيغة العموم في الموضعين واحدة، ولذا ألزمهم الإمام الأشعري بالعموم فيما اختلفوا فيه، قياساً على ما اتفقوا عليه. (١)

ومشكلة المتكلمين عموماً، ما يقعدونه من قواعد، ينتج عنها تأويل النصوص عما أراد الله تعالى، ولذا فإن من القواعد التي وضعها المتكلمون؛ ليمايزوا على أساسها بين ما هو نص في مضمونه العقدي، وبين ما هو ظاهر يجب تأويله، فالمتكلمون يرون أن كل آية يقول الدليل العقلي على استحالة القول بمعناه المتبادر منه، لا تعتبر نصاً في ذلك المعنى، بل هي من قبيل الظواهر في الدلالة عليه. فالمعتزلة في هذا الباب، ينفون القدر، لاعتقادهم أن ذلك يتعارض مع العدل الإلهي، فيعتبرون الآيات المثبتة للقدر من قبيل الظواهر القابلة للتأويل، وغفلوا أن في مثل هذا نقص في ربوبية الله تعالى. (٢)


(١) انظر: أحمد عبداللطيف: منهج إمام الحرمين في دراسة العقيدة: مكتبة الشنقيطي، جدة، ط ٢، ١٤٣٤ هـ، (١٨٧)
(٢) أحمد عبداللطيف: منهج إمام الحرمين: ٢٠٩

<<  <   >  >>