للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والتفريق بينهما وارد عن السلف، يقول ابن رجب: " وقد نقل التفريق بينهما عن كثير من السلف، منهم: قتادة، داود بن أبي هند، وأبو جعفر الباقر، والزهري، وحماد بن زيد، وابن مهدي، وشريك، وابن أبي ذئب، وأحمد بن حنبل، وأبو خثيمة، ويحيى بن معين، وغيرهم، على اختلاف بينهم في صفة التفريق بينهما، وكان الحسن وابن سيرين يقولان: مسلم، ويهابان مؤمن " (١)، ورجح ابن رجب التفصيل جمعاً بين الأحاديث، فقال: " إذا أُفرد كل من الإسلام والإيمان بالذكر، فلا فرق بينهما حيئذ، وإن قُرن بين الاسمين، كان بينهما فرق، والتحقيق في الفرق بينهما: إن الإيمان هو تصديق القلب، وإقراره، ومعرفته، والإسلام هو استلام العبد لله، وخضوعه، وانقياده له، وذلك يكون بالعمل، وهو الدين" (٢)، وشبَّه الإمام ابن تيمية الإيمان والإسلام، بالروح والبدن، فقال: " فلا يوجد عندنا روح إلا مع البدن، ولا يوجد بدن حي إلا مع الروح، وليس أحدهما الآخر، فالإيمان كالروح، فإنه قائم بالروح، ومتصل بالبدن، والإسلام كالبدن، ولا يكون البدن حياً إلا مع الروح، بمعنى أنهما متلازمان، لا أن مسمَّى أحدهما، هو مسمَّى الآخر " (٣). وخلاصة القول في الإيمان:

أ ـ الذي قرره السمعاني: أن الإيمان قول وعمل واعتقاد، وقد فرَّق أبو الفرج الشيرازي بين أقوال الناس في الإيمان، فقال في جزئه في امتحان السني من البدعي: " يُسأل عن الإيمان ماهو؟ فإن قال: الإيمان قول، وعمل، ونية، وموافقة السنة، فهو سني، وإن قال: اعتقاد بالقلب، فهو أشعري، وإن قال: قول بلا عمل، فهو مرجئ ". (٤)


(١) ابن رجب: جامع العلوم والحكم: مؤسسة الرسالة، بيروت، ط ٧، ١٤٢٢ هـ، (١/ ١٠٦)
(٢) ابن رجب: جامع العلوم والحكم: ١/ ١٠٧
(٣) ابن تيمية: مجموع الفتاوى: ٧/ ٣٦٧
(٤) الشيرازي: جزء فيه امتحان السني من البدعي: ٩٩

<<  <   >  >>