للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أ ـ قوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا} [النساء:٩٣]، يقول السمعاني: " واعلم أن لا متعلق في هذه الآية، لمن يقول بالتخليد في النار لأهل الكبائر من المسلمين؛ لأنا إن نظرنا إلى سبب نزول الآية، فالآية نزلت في قاتل كافر كما بينا، وقيل: إنه فيمن يقتل مستحلاً، والأولى أن نقول فيه، ما قاله أبو صالح: إن معنى قوله " فجزاؤه جهنم خالداً فيها " إن جازى، وبه نقول: إن الله تعالى إن جازاه ذلك خالداً، فهو جزاؤه، ولكنه ربما لا يجازى، وقد وعد ألا يجازي، ويغفر لمن يشاء، وهو لا يخلف الميعاد. وحكى عن قريش بن أنس ـ رحمه الله ـ أنه قال: كنت في مجلس عمرو بن عبيد، فقال: لو قال الله لي يوم القيامة: لم قلت بتخليد القاتل المتعمد في النار؟ فأقول له: أنت الذي قلت: " فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا قال قريش: وكنت أصغر القوم، فقلت له: أرأيت لو قال الله لك: ألست قلت " وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ " فمن أين علمت أني لم أشأ مغفرة القاتل؟ فسكت ولم يستطع الجواب، وحكى أن عمرو بن عبيد جاء إلى عمرو بن العلاء ـ رحمه الله ـ وقال له: هل يخلف الله وعده؟ فقال: لا، فقال: أليس الله تعالى قد قال: " وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا "، فأنا على هذا؛ لأنه لا يخلف وعده، فقال أبو عمرو: ومن العجمة أُتيت يا أبا عثمان؛ إن العرب لا تعد الإخلاف في الوعيد خلفاً وذماً، وإنما ذلك في الخلف في الوعد ... فالله يجوز أن يخلف في الوعيد، وإنما لا يخلف الميعاد ". (١)


(١) السمعاني: تفسير القرآن: ١/ ٤٦٤

<<  <   >  >>