للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واستدل له كذلك بقوله تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (٦٨) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (٦٩) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا} [الفرقان:٦٨ - ٧٠]، يقول السمعاني: " فالتوبة من الكل مقبولة ... وظاهر هذه الآية، وهو قوله " إِلَّا مَنْ تَابَ "، يدل على هذا؛ لأنه قد سبق قتل النفس ". (١)

وذكر السمعاني كذلك، خلاف العلماء في حكم قبول توبة من ارتد ثم آمن ثم ارتد؟ فذكر عن علي ـ رضي الله عنه ـ: أنه لا تقبل توبته، فإنه إذا آمن، ثم كفر، ثم آمن، ثم كفر، فلو أراد أن يؤمن لا يُقبل منه، ويقتل؛ لقوله تعالى: {لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ} [النساء:١٣٧]. ثم قال: " وأكثر أهل العلم على أنه: تقبل توبته، ويحتمل أن تكون الآية في المنافقين، وقوم من أهل الكتاب، كانوا يؤمنون باللسان، ثم يرجعون إلى الكفر، ثم يأتون فيؤمنون، ثم يرجعون إلى الكفر ". (٢) وأشار كذلك إلى قطع يد السارق، هل هي توبة له، أو جزاء على الجناية؟ فذكر القولين، ثم قال: " والصحيح: أن القطع للجزاء على الجناية، كما قال: {جَزَاءً بِمَا كَسَبَا} [المائدة:٣٨]، فلا بُدَّ من التوبة بعده، وتوبته: الندم على ما مضى، والعزم على تركه في المستقبل ". (٣)

وفي ختام هذا الفصل: نُشير إلى أن تحذير السمعاني عن البدع وأهلها، ظهر جلياً في كلامه، ويظهر هذا من جهات:

١ ـ إشارته إلى أن أهل البدع هم أهل التفرق، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} [الأنعام:١٥٩]، نقل عن مجاهد قوله: هم أهل الأهواء والبدع. (٤)


(١) السمعاني: تفسير القرآن: ٤/ ٣٣
(٢) السمعاني: تفسير القرآن: ١/ ٤٩١
(٣) السمعاني: تفسير القرآن: ٢/ ٣٧
(٤) السمعاني: تفسير القرآن: ٢/ ١٦٠

<<  <   >  >>