للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والإمام السمعاني ذكر في كتابه القواطع، أن مسمى الصحبة عند الأصوليين، ومن حيث اللغة والظاهر، أنه يقع على من طالت صحبته، وكثرت مجالسته للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ. ثم ذكر مسمَّى الصحبة عند أهل الحديث، وهو أنهم يطلقون اسم الصحابة على كل من روى عنه حديثاً، أو كلمة، ويتوسعون حتى يعدون من رآه رؤية من الصحابة، وهذا لشرف منزلة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، فأعطوا الكل ممن يراه حكم الصحبة، ورجح هذا القول، ولذا قال: " فكل من روى عنه، أو رآه فهو قرنه الذي بُعث فيه، إلا أنه مع هذا لا بُدَّ من رؤية أو رواية للإجماع " (١). وهذا القول ذهب إليه جماهير الأمة سلفاً وخلفاً، وممن نص على الإكتفاء لثبوت الصحبة بمجرد الرؤية ولو لحظة، ولو لم يقع معها مجالسة، أو مماشاة، ولا مكالمة، لشرف النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، مالك وأحمد وغيرهما من الأئمة، قال مالك: من صحب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ سنة، أو شهراً، أو يوماً، أو رآه مؤمناً به، فهو من أصحابه، له من الصحبة بقدر ذلك (٢)، وقال علي بن المديني: من صحب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، أو رآه ولو ساعة من نهار، فهو من أصحاب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وقال البخاري: من صحب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أو رآه من المسلمين، فهو من أصحابه (٣). وقد حكى بعض العلماء الإجماع على ذلك. (٤)


(١) السمعاني: قواطع الأدلة: ١/ ٣٩٢
(٢) ابن تيمية: مجموع الفتاوى: ٤/ ٢٦٥، ٢٠/ ٢٩٨ - ٣٥ - ٥٩
(٣) السخاوي: فتح المغيث: مكتبة السنة، مصر، ط ١، ١٤٢٤ هـ (٤/ ٧٨)
(٤) ابن القطان: الإقناع: ١/ ٦٦

<<  <   >  >>