للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والذي يدل على صحة هذا النوع من التوحيد، وأن اتخاذ رب غير الله تعالى قول فاسد: " أن أصناف المشركين أربعة؛ لأن عبدة الأصنام أشركوا بالله، وعبدة الكواكب أشركوا بالله، والقائلون: بيزدان وأهرمن، وهم الذين قال الله في حقهم: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ} (الأنعام ١٠٠)، أشركوا بالله، والقائلون: بأن المسيح ابن الله، والملائكة بناته، أشركوا أيضا بالله، فهؤلاء هم فرق المشركين، وكلهم معترفون أن الله خالق الكل ... واتفقوا على أن الله خالق هؤلاء الشركاء. إذا عرفت هذا فالله سبحانه قال له يامحمد: {قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا} مع أن هؤلاء الذين اتخذوا ربا غير الله تعالى، أقروا بأن الله خالق تلك الأشياء، وهل يدخل في العقل، جعل المربوب شريكا للرب، وجعل العبد شريكا للمولى، وجعل المخلوق شريكاً للخالق؟. ولما كان الأمر كذلك، ثبت بهذا الدليل، أن اتخاذ رب غير الله تعالى، قول فاسد، ودين باطل" (١)

ومما ورد عن العلماء في تعريف التوحيد، وقيامه على اعتقاد وحدانية الله جل وعلا وتفرده بالخلق والملك والتدبير، ما يلي:

قال الإمام الطبري في تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ} (الأنعام ١٦٤)

"وهو سيد كل شيء دونه، ومدبره، ومصلحه" (٢)

وقال الإمام الزجاج (٣) في بيان الرب في هذه الآية:" أي هو ابتدع الأشياء كلها لايقدر أحد على ابتداع شيء منها" (٤)


(١) ((الرازي: مفاتيح الغيب:١٤/ ١٩٢
(٢) ((الطبري: جامع البيان:١٢/ ٢٨٦
(٣) ((الزجاج: ابراهيم بن السري: (٢٤١ هـ-ت ٣١١ هـ)،عالم بالنحو واللغة، ولد ومات في بغداد، له مؤلفات كثيرة منها: معاني القرآن، والاشتقاق، والأماني، الزركلي، الأعلام:١/ ٤٠
(٤) ((الزجاج: ابراهيم بن السري، معاني القرآن وإعرابه: عالم الكتب- بيروت، ط ١، ١٤٠٨ هـ، (٢/ ٣١١)

<<  <   >  >>