للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا " الحديث مطابق للقرآن، لقوله تعالى: " فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا " (الروم ٣٠)، وهذا يعم جميع الناس، فعُلم أن الله فطر الناس كلهم على فطرته المذكورة، وفطرة الله أضافها إليه إضافة مدح، لا إضافة ذم، فعُلِم أنها فطرة محمودة لا مذمومة ". (١)

٤ ـ وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم: " ألا إن ربي أمرني أن أعلمكم ما جهلتم مما علمني يومي هذا، كل مال نحلته عبداً حلال، وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم ... ". (٢)

وهذا فيه دلالة على البقاء على أصل التوحيد، وأن الشرك هو الطارئ، كما قال جل وعلا: " كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّ‍ينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ " (البقرة ٢١٣)، يقول الإمام الطبري: " كان الناس أمة مجتمعة على ملة واحدة، ودين واحد فاختلفوا، فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين " (٣)، وقال: " فإن دليل القرآن واضح على أن الذين أخبر الله عنهم، أنهم كانوا أمة واحدة، إنما كانوا أمة واحدة على الإيمان ودين الحق، دون الكفر والشرك به " (٤).

وهذا الذي فسَّره به الإمام السمعاني فقال: " والمراد بالأمة هنا: الدين، يعني: كان الناس على دين واحد " (٥).

ـ وأما ما ذهب بعض الأئمة، من تفسير الفطرة بموافقة القدر، فيحمل على الرد على القدرية، لا نفي الفطرية، وفي هذا يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: " مقصود حماد وإسحاق ومالك وابن المبارك، ومن اتبعهم كابن قتيبة وابن بطة، والقاضي أبي يعلى وغيرهم، هو منع احتجاج القدرية بهذا الحديث على نفي القدر، وهذا مقصود صحيح، ولكن سلكوا في حصوله طرقاً بعضها صحيح، وبعضها ضعيف " (٦).


(١) ((ابن تيمية: درء تعارض العقل والنقل: ٨/ ٣٧٢
(٢) ((سبق تخريجه.
(٣) ((الطبري: جامع البيان: ٤/ ٢٧٦
(٤) ((الطبري: جامع البيان: ٤/ ٢٨٠
(٥) ((السمعاني: تفسير القرآن: ١/ ٢١٣
(٦) ((ابن تيمية: درء تعارض العقل والنقل: ٨/ ٤١٧

<<  <   >  >>