للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَن الْمُسْتَدلّ أبدى عِلّة وَهُوَ التَّزْوِيج للنَّفس بِغَيْر الْكُفْء، والمعترض أبدى غَيرهَا وَهُوَ تَزْوِيج نَفسهَا من غير تَقْيِيد بالكفء وَغَيره (وَلَا يخفى رُجُوعه) أَي الرَّابِع (إِلَى الثَّالِث) وَهُوَ عدم تَأْثِير قيد ذكر مَعَه فَرجع إِلَى الْمُطَالبَة بتأثير ذَلِك فِيهِ (وَظهر أَنه) أَي ذَلِك الِاعْتِرَاض (لَيْسَ سؤالا مُسْتقِلّا) بل هُوَ إِمَّا مُطَالبَة بعلية الْوَصْف أَو مُعَارضَة بعلة أُخْرَى (فَتَركه الْحَنَفِيَّة ل) أجل (هَذَا وَلما نذْكر. ثمَّ الْمُخْتَار أَن الثَّالِث مَرْدُود إِذا اعْترف الْمُسْتَدلّ بطرديته) أَي بطردية ذَلِك الْمُقَيد (وَغير مَرْدُود إِن لم يعْتَرف) بطرديته (لجَوَاز) وجود (غَرَض صَحِيح) للمستدل فِي إِيرَاد ذَلِك الْقَيْد، فِي الشَّرْح العضدي لما كَانَ حَاصِل الْقسم الرَّابِع وجود قيد طردي فِي الْوَصْف الْمُعَلل بِهِ ذكر لذَلِك قَاعِدَة تتَعَلَّق بِهِ وَهِي كل مَا فرض جعله وَصفا فِي الْعلَّة من طردي هَل هُوَ مَرْدُود سد المتناظرين فَلَا يجوزونه، أما إِذا كَانَ الْمُسْتَدلّ معترفا بِأَنَّهُ طردي فالمختار أَنه مَرْدُود لِأَنَّهُ فِي كَونه جُزْء الْعلَّة كَاذِب باعترافه وَأَنه كجدل قَبِيح، وَقيل لَيْسَ بمردود لِأَن الْغَرَض استلزام الحكم، فالجواز استلزم قطعا، وَأما إِذا لم يكن معترفا بِأَنَّهُ طردي فالمختار أَنه غير مَرْدُود لجَوَاز أَن يكون فِيهِ غَرَض صَحِيح كدفع النَّقْض الصَّرِيح إِلَى النَّقْض المكسور وَهُوَ أصعب، بِخِلَاف الأول فَإِنَّهُ معترف بِأَنَّهُ غير مُؤثر وَأَن الْعلَّة هُوَ الثَّانِي فَيرد النَّقْض كَمَا لَو لم يذكرهُ، والتفوه بِهِ لَا يجديه نفعا فِي دفع النَّقْض، وَقيل مَرْدُود لِأَنَّهُ لَغْو، وَإِن لم يعْتَرف وَقد عرف الْفرق، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (أَن يدْفع النَّقْض المكسور وَهُوَ أصعب على الْمُعْتَرض). قَالَ الْمُحَقق التَّفْتَازَانِيّ من الشَّارِحين من فسر الْمقَام بِمَا شهد أَنه لم يفهمهُ وَآخَرُونَ اعْترض بِعَدَمِ فهمه، فَلهَذَا تَابع الْمُحَقق فِي تَوْضِيحه بِمَا لَا مزِيد عَلَيْهِ، فَقَوله وَهُوَ أصعب يُرِيد أَن إِيرَاد النَّقْض المكسور أصعب على الْمُعْتَرض من إِيرَاد النَّقْض الصَّرِيح لِأَنَّهُ فِيهِ بَيَان عدم تَأْثِير بعض أَجزَاء الْوَصْف وَبَيَان نقض الآخر، وَفِي النَّقْض الصَّرِيح لَيْسَ إِلَّا بَيَان نقض الْوَصْف: أَعنِي ثُبُوته فِي صُورَة مَعَ عدم الحكم، وَقَوله بِخِلَاف الأول مُتَعَلق بقوله لجَوَاز أَن يكون: يَعْنِي أَن الْمُسْتَدلّ إِذا لم يكن معترفا بِكَوْن الْوَصْف طرديا يجوز أَن يكون لَهُ فِي ضم الْوَصْف الطردي إِلَى الْعلَّة غَرَض صَحِيح بِأَن لَا يُوجد الْمَجْمُوع مَعَ عدم الحكم، بِخِلَاف مَا إِذا كَانَ معترفا بِأَن الْوَصْف المضموم طردي، فَإِن ذَلِك اعْتِرَاف بِأَنَّهُ لَا مدْخل لَهُ فِي الْعلية وَأَن الْعلَّة فِي ذَلِك الْأَمر الَّذِي فرض الطردي وَصفا فِيهِ، فَحِينَئِذٍ يسهل النَّقْض بإيراد صُورَة يُوجد فِيهَا مُجَرّد ذَلِك وَلَا يُوجد الحكم، وتلفظه بِأَن الْعلَّة هِيَ الْمَجْمُوع مَعَ اعترافه بذلك لَا يفِيدهُ انْتهى، وَللَّه درهما تَحْقِيقا لمواضع تحيرت فِيهَا الْعُقُول وَوَقعت فِيهَا الفحول فقد علم بذلك أَن المُرَاد بقول المُصَنّف الثَّالِث مَحل السُّؤَال الثَّالِث، وَبِقَوْلِهِ أَن يدْفع النَّقْض المكسور أَن يدْفع النَّقْض الصَّرِيح إِلَى النَّقْض المكسور، فالنقض مَنْصُوب بِنَزْع الْخَافِض وَالْمَفْعُول بِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>