(أفْضى) إِلَى الْفُجُور (لحرص النَّفس على الْمَمْنُوع فَيدْفَع) هَذَا الْمَنْع (بِأَن تأبيد التَّحْرِيم يمْنَع عَادَة) عَن مُقَدمَات الْهم وَالنَّظَر (إِذْ يصير) الِامْتِنَاع بِهَذَا السَّبَب (كالطبيعي) أَي كالامتناع والمنافرة الَّتِي اقتضتها الطبيعة فَلَا يبْقى الْمحل مشتهى (أَصله) أَي أصل هَذَا التَّحْرِيم المؤبد (الْأُمَّهَات) لِأَنَّهُ شرع من ابْتِدَاء وجود بني آدم فَلم يكن عِنْد ذَلِك تَحْرِيم الْأَخَوَات لضَرُورَة التناسل، ثمَّ لما وجد غير الْمَحَارِم ارْتَفَعت الضَّرُورَة فَألْحق بالأمهات سَائِر الْمَحَارِم (و) ثَالِثهَا (كَون الْوَصْف خفِيا كالرضا) فِي الْعُقُود فَإِنَّهُ أَمر قلبِي (وَيُجَاب) عَن هَذَا السُّؤَال (بضبطه) أَي بضبط الْوَصْف (بِظَاهِر) أَي بضابط ظَاهر (كالصيغة) الدَّالَّة على الرِّضَا فيدور الحكم عَلَيْهَا كصيغ الْعُقُود (و) رَابِعهَا (كَونه) أَي الْوَصْف (غير منضبط) جَعلهمَا قسما وَاحِدًا لكَمَال مناسبتهما سؤالا وجوابا (كَالْحكمِ) جمع حِكْمَة، وَهِي الْأَمر الْبَاعِث من الْمَقَاصِد (والمصالح) أَي مَا يكون لَذَّة أَو وَسِيلَة لَهَا (كالحرج) فَإِن فِي نَفْيه لَذَّة (والزجر) فَإِنَّهُ وَسِيلَة للذة الدُّنْيَوِيَّة والأخروية، ثمَّ علل عدم انضباطها بقوله (لِأَنَّهَا) أَي الحكم والمصالح (مَرَاتِب) أَي كائنة (على) مَرَاتِب على (مَا تقدم) فِي الْكَلَام على الْعلَّة بِحَسب الْمَقَاصِد وَيخْتَلف باخْتلَاف الْأَشْخَاص وَالْأَحْوَال فَلَا يُمكن تعْيين الْعدَد الْمَقْصُود مِنْهَا (وَجَوَابه بإبداء الضَّابِط بِنَفسِهِ) أَي بِإِظْهَار المُرَاد من غير المنضبط بِوَصْف منضبط بِنَفسِهِ غير مُحْتَاج إِلَى ضَابِط آخر كَمَا يُقَال فِي الْمَشَقَّة والمضرة أَن المُرَاد بهما مَا يُطلق عَلَيْهِ الْمَشَقَّة والمضرة عرفا، كَذَا قَالُوا، وَفِيه مَا فِيهِ (أَو) أَن الْوَصْف (نيط بمنضبط) مَعْطُوف على إبداء (كالسفر) نيط حُصُول الْمَشَقَّة بِهِ (وَالْحَد) الْمَحْدُود شرعا نيط الْقدر الْمُعْتَبر فِي حُصُول الزّجر بِهِ (وَلم يذكرهَا) أَي الاعتراضات الْمَذْكُورَة (الْحَنَفِيَّة لَا لاختصاصها بالمناسبة) وهم لَا يعتبرونها فَلَا وُرُود لَهَا عِنْدهم (لِأَن هَذَا) أَي اعْتِبَار الْمُنَاسبَة بِالْوَصْفِ (اتِّفَاق) أَي مَحل اتِّفَاق أَو مُتَّفق عَلَيْهِ (بل لِأَنَّهَا) أَي الاعتراضات الْمَذْكُورَة حاصلها (انْتِفَاء لَوَازِم الْعلَّة الباعثة مُطلقًا) أَي بِأَيّ مَسْلَك كَانَ (كَمَا تقدم) فِي فصل الْعلَّة (وَمَعْلُوم أَن بِانْتِفَاء لازمها) أَي الْعلَّة الباعثة (يتَّجه إِيرَاده) أَي إِيرَاد انتفائها (إِذْ يُوجب) انْتِفَاء لازمها (انتفاءها فَهُوَ) أَي إِيرَاد انتفائها (مَعْلُوم من الشُّرُوط) لِأَن كل أحد يعرف أَن الشَّرْط إِذا انْتَفَى فللمعترض الْإِيرَاد الرَّاجِح إِلَى منع الْعلية (ومنعهم) أَي الْحَنَفِيَّة (بَعْضهَا) أَي بعض هَذِه الاعتراضات مَعْطُوف على مَدْخُول بل فَهُوَ عِلّة أُخْرَى لعدم الذّكر فِي الْبَعْض، وَالْمرَاد بِالْمَنْعِ الحكم بِعَدَمِ وُرُوده من حَيْثُ المناظرة (وَهُوَ) أَي الْبَعْض الْمَمْنُوع (مرجع الثَّانِي وَالرَّابِع) من الْأَرْبَعَة الأول (لمنعهم الْمُعَارضَة لعِلَّة الأَصْل كَمَا سَنذكرُهُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى، وَذكروا) أَي الْحَنَفِيَّة (منع الشُّرُوط) للتَّعْلِيل، لِأَن شَرط الشَّيْء سَابق عَلَيْهِ فَلَا بُد من إثْبَاته، ثمَّ القَاضِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute