للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقَتْل، الظّرْف مُتَعَلق بِضَرْب الدِّيَة على الْعَاقِلَة، فَهَذَا الحكم الَّذِي هُوَ ضرب الدِّيَة المخففة عَلَيْهِم مركب من أَمريْن: ضرب الدِّيَة، وَكَونهَا على الْعَاقِلَة دون الْقَاتِل، فَالْأول وَهُوَ أصل ضرب الدِّيَة إِنَّمَا هُوَ لمصْلحَة أَوْلِيَاء الْمَقْتُول. وَالثَّانِي وَهُوَ كَونهَا على الْعَاقِلَة، لأَنهم يغنمون بِكَوْنِهِ مقتولا فليغرموا بِكَوْنِهِ قَاتلا: وَلذَا قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " مَالك غنمه فَعَلَيْك غرمه ". وَأما أَنَّهَا لَيست على الْقَاتِل، فَلَمَّا ذكر من عدم قَصده الْقَتْل، وَهُوَ الَّذِي ذكرنَا من عدم التحميل على الْقَاتِل إِنَّمَا هُوَ (للشَّافِعِيَّة). وَأما عِنْد الْحَنَفِيَّة فيودي الْقَاتِل كأحدهم (أَو) يثبت مَا ذكر من نقيض الحكم أَو خِلَافه (لدفع مفْسدَة) أعظم من مفْسدَة شرع حكم الأَصْل لَهُ فِيهَا (كالاضطرار لَو ورد على تَعْلِيل حُرْمَة الْميتَة بالاستقذار فَإِنَّهُ) أَي الِاضْطِرَار (اقْتضى خِلَافه) أَي مَا يَقْتَضِيهِ الاستقذار من التَّحْرِيم (من الْإِبَاحَة) بَيَان لخلافه، فَإِن دفع هَلَاك النَّفس أعظم من مفْسدَة أكل المستقذر: هَذَا كُله إِذا لم تكن الْعلَّة منصوصة بِظَاهِر عَام (فَلَو كَانَت) الْعلَّة (منصوصة ب) ظَاهر (عَام) لَا يجب إبداء الْمَانِع بِعَيْنِه، بل (وَجب تَقْدِير الْمَانِع وتخصيصه) أَي الْعَام (بِغَيْر مَحل النَّقْض) جمعا بَين الدَّلِيلَيْنِ (وَهَذَا) أَي تَخْصِيصه بِغَيْر مَا ذكر (إِذا كَانَ النَّص على استلزامها) أَي الْعلَّة للْحكم (فِي الْمحَال لَا على عليتها) أَي الْعلَّة (فِيهَا) أَي الْمحَال (إِذْ لَا تَنْتفِي عليتها بالمانع) فَإِن قلت: مَا معنى عدم انْتِفَاء الْعلية بِهِ دون الِالْتِزَام قلت: معنى عليتها للْحكم فِي الْمحَال كَونهَا بِحَيْثُ يَتَرَتَّب عَلَيْهَا الحكم لَو لم يتَحَقَّق مَعهَا مَانع عَن الحكم، وَهَذَا الْكَوْن مَوْجُود فِي مَحل النَّقْض، فَإِن صدق مَضْمُون هَذِه الشّرطِيَّة لَا يسْتَلْزم وجود الحكم بِالْفِعْلِ، بِخِلَاف مَا إِذا نَص على الاستلزام، وَهُوَ كَونهَا بِحَيْثُ مَتى تحققت تحقق مَعهَا الحكم بِالْفِعْلِ فَافْهَم (أَو) كَانَت منصوصة (بخاص) قَطْعِيّ الدّلَالَة على عليتها (فِيهِ) أَي فِي مَحل النَّقْض، فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ (وَجب تَقْدِيره) أَي الْمَانِع (فَقَط) لِأَنَّهُ لَا مجَال لتخصيص الْخَاص بِغَيْر مَحل النَّقْض، وَإِنَّمَا وَجب تَقْدِير الْمَانِع لِأَن عليتها للْحكم: أَي فِي مَحل النَّقْض ثَابِتَة، وَالْحكم مُنْتَفٍ فِيهِ بِالنَّصِّ أَو الْإِجْمَاع، فَلَا بُد من مَانع هُنَاكَ لِاسْتِحَالَة تخلف الْمَعْلُول عِنْد وجود الْمُقْتَضى وَعدم الْمَانِع (و) وَجب (الحكم بعليتها) أَي الْعلَّة (فِيهِ) أَي فِي مَحل النَّقْض لدلَالَة النَّص الْخَاص عَلَيْهِ قطعا، وَهَذَا الْجَواب على قَول من يجوز تَخْصِيص الْعلَّة. (أما مانعو تَخْصِيص الْعلَّة فبعدم وجودهَا) أَي فيجيبون بِعَدَمِ وجود الْعلَّة فِي مَحل النَّقْض (إِذْ هِيَ) أَي الْعلَّة (الباعثة) على الحكم (مَعَ عَدمه) أَي الْمَانِع فالعلة عِنْدهم لَا تتَحَقَّق إِلَّا بأمرين: الْمُقْتَضى، وَعدم الْمَانِع (فَهُوَ) أَي عدم الْمَانِع (شَرط عليتها) وَحَيْثُ انْتَفَى شَرط الْعلية فِي مَحل النَّقْض انْتَفَت الْعلَّة (وَغَيرهم) أَي غير المانعين لتخصيصها

<<  <  ج: ص:  >  >>