للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَمَا فِي الْفَرْع) أَي فَالْمُرَاد الْمُعَارضَة فِي الْفَرْع (وَهَذِه) أَي الْمُعَارضَة فِي الأَصْل تذكر (بِقَيْد) هُوَ فِي الأَصْل، فَعلم أَن الْحَقِيقَة فِي إِطْلَاق لفظ الْمُعَارضَة مَا فِي الْفَرْع، فَإِذا اسْتعْمل فِي غَيره كَانَ تجوزا على طَرِيق الِاسْتِعَارَة (وَإِذا رد النَّقْض) الَّذِي هُوَ كَالصَّرِيحِ فِي الِاسْتِدْلَال (إِلَى الْمَنْع) كَمَا مر (فَهَذَا) أَي رد الْمُعَارضَة فِي الأَصْل إِلَى الْمَنْع (أولى) مِنْهُ فِي ذَلِك [وَفِي التَّلْوِيح] وَلَا يخفى أَنه نزاع جدلي يقصدون بِهِ عدم وُقُوع الْخبط فِي الْبَحْث وَإِلَّا فَهُوَ ساع فِي إِظْهَار الصَّوَاب. (قَالُوا) أَي الْحَنَفِيَّة (ولجواز علتين فِي الأَصْل تعدى) الحكم (بِكُل) مِنْهُمَا (إِلَى محلهَا) أَي إِلَى مَحل تِلْكَ الْعلَّة من موارد تحققها (فَعدم إِحْدَاهمَا) بِعَينهَا (فِي مَحل) تُوجد فِيهِ الْأُخْرَى (لَا يَنْفِي) كَون (الْأُخْرَى) عِلّة للْحكم فتعدى بهَا إِلَى مَحل آخر (وَهَذَا) الْوَجْه (يقْتَصر) فِي إفادته نفي الْقبُول (على مَا يجب فِيهِ) أَي على مَحل يجب فِيهِ (اسْتِقْلَال كل) من العلتين بِدَلِيل يُوجب ذَلِك (دون تَجْوِيز جزئيته) أَي جزئية كل مِنْهُمَا، لما كَانَ الِاسْتِقْلَال الْمُقَابل لتجويز الْجُزْئِيَّة يَنْقَسِم إِلَى قسمَيْنِ: أَحدهمَا أَن يكون كل من المستقلين مجتمعا مَعَ الآخر، وَالثَّانِي بِخِلَافِهِ فَلَا تجمع علية أَحدهمَا مَعَ علية الآخر، وَعدم قبُول السُّؤَال فِي الأول دون الثَّانِي أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله (فَالْحق) أَن يُقَال (أَن أجمع) أَي انْعَقَد الْإِجْمَاع (على أَنَّهَا) أَي الْعلَّة (فِي مَحل النزاع إِحْدَاهمَا) فَقَط: أَي عِلّة الْمُسْتَدلّ والمعترض اسْتِقْلَالا (كعلة الرِّبَا) فَإِنَّهُ أجمع على أَنَّهَا إِمَّا الْكَيْل وَالْوَزْن، أَو الطّعْم فِي المطعومات وَالثمن فِي الْأَثْمَان، أَو الاقتيات والادخار (قبل) هَذَا السُّؤَال (وَإِلَّا) أَي وَإِن لم يجمع على مَا ذكر (لَا) يقبل لجَوَاز أَن يكون كل مِنْهُمَا عِلّة اسْتِقْلَالا كَمَا ذكر. (وَقَوْلهمْ) أَي الشَّافِعِيَّة (بالاستقراء مبَاحث الصَّحَابَة جمع وَفرق) قَوْله مبَاحث الصَّحَابَة مُبْتَدأ خَبره جمع وَفرق: يَعْنِي جمع الْفَرْع مَعَ الأَصْل فِي الحكم بِمُوجب وصف مُشْتَرك بَينهمَا، وتمييز صُورَة عَن صُورَة أُخْرَى عِنْد توهم مشاركتهما فِي الحكم بِوَصْف مُشْتَرك بَينهمَا بِبَيَان فَارق يُفِيد عدم مشاركتهما فِي عِلّة الحكم، وَذَلِكَ بإبداء وصف مُغَاير لما توهم كَونه عِلّة فِي الصُّورَة الَّتِي ظن كَونهَا أصلا لصورته الْأُخْرَى، وَذَلِكَ إِجْمَاع على جَوَاز وصف فَارق غير مَوْجُود فِي الْفَرْع، وَقَوله بالاستقراء مُتَعَلق بِمَا يفهم من السِّيَاق تَقْدِيره علم بالاستقراء أَنه (لَا يمسهُ) خبر قَوْلهم وَالضَّمِير الْمَنْصُوب رَاجع إِلَى مطلبهم، وَهُوَ قبُول السُّؤَال الْمَذْكُور على الْعُمُوم (إِلَّا إِن نقلت) مباحثهم جمعا وفرقا (على) وَجه (الْعُمُوم) بِحَيْثُ ينْدَرج تحتهَا مبَاحث الْفرق فِي الْمُتَنَازع (وَلَا يُمكن) نقلهَا كَذَلِك لِأَن مَا نقل عَنْهُم مضبوط عِنْد أَئِمَّة النَّقْل وَلَيْسَ فِيهِ الْعُمُوم الْمَذْكُور (وعَلى) تَقْدِير (قبُولهَا) أَي الْمُعَارضَة فِي الأَصْل هَل يلْزم بَيَان انْتِفَاء المبدي فِي الْفَرْع؟ فِيهِ أَقْوَال: فأحدها نعم، إِذْ لَو لم ينتف فِيهِ لثبت مَطْلُوب الْمُسْتَدلّ، فثانيها لَا، لِأَن غَرَضه عدم اسْتِقْلَال وصف الْمُسْتَدلّ

<<  <  ج: ص:  >  >>