للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ويسمونها) أَي الْمُعَارضَة فِي الأَصْل (الْمُفَارقَة) إِشَارَة إِلَى مَا سَيَأْتِي من أَن سُؤال الْفرق إبداء خُصُوصِيَّة فِي الأَصْل هِيَ شَرط للوصف مَعَ بَيَان انتفائها فِي الْفَرْع أَو بَيَان مَانع من الحكم فِيهِ مَعَ انْتِفَاء ذَلِك الْمَانِع فِي الأَصْل فهما معارضان فِي الأَصْل وَالْفرع لِأَن ابداء شَرط فِي الأَصْل مُعَارضَة فِيهِ وَبَيَان وجوده فِي الْفَرْع مُعَارضَة فِيهِ، وَمن أَن الْمُعْتَرض إِن لم يتَعَرَّض لانْتِفَاء الشَّرْط فِي الْفَرْع لم يكن من الْفرق بل هُوَ مُعَارضَة فِي الأَصْل الْمُسَمّى مُفَارقَة عِنْد الْحَنَفِيَّة، وَلم يذكروه اكْتِفَاء بِذكر الْمُعَارضَة فِي الأَصْل، وَلَعَلَّ وَجه التَّسْمِيَة أَن بَيَان الخصوصية فِي الأَصْل ينْسب للمفارقة بَين الأَصْل وَالْفرع (فَإِن كَانَ صَحِيحا) اسْم كَانَ رَاجع إِلَى الْفرق الْمَفْهُوم فِي ضمن الْمُفَارقَة لِأَن إبداء الْوَصْف الآخر إِنَّمَا يقْصد بِهِ الْفرق بَين الأَصْل وَالْفرع، وَصِحَّته بِوُجُود دَلِيل على وجود الْفَارِق بَينهمَا فِي الْعلَّة الْمُعْتَبرَة فِي ذَلِك الحكم (فليجعل) الْفرق الْمَوْجُود فِي ضمن تِلْكَ الْمُفَارقَة (ممانعة) أَي فليورد فِي صُورَة الممانعة (ليقبل) من الْمُعْتَرض لِأَن الْمُفَارقَة من الأسئلة الْفَاسِدَة عِنْد الْجُمْهُور، وللممانعة أساس المناظرة، وَبهَا يعرف فقه الرجل (فَفِي إِعْتَاق عبد الرَّهْن) أَي إِعْتَاق الرَّاهِن العَبْد الْمَرْهُون إِذا قَالَ الشَّافِعِي بِبُطْلَانِهِ لِأَنَّهُ (تصرف لَاقَى حق الْمُرْتَهن) بالإبطال بِدُونِ رِضَاهُ (فَيبْطل) إِعْتَاقه (كَبَيْعِهِ) أَي لَا يبطل بيع الرَّاهِن الْمَرْهُون بِغَيْر إِذن الْمُرْتَهن (لَو قَالَ) الْحَنَفِيّ (هِيَ) أَي الْعلَّة (فِي الأَصْل) أَي البيع (كَونه) أَي البيع (يحْتَمل الرّفْع) بعد وُقُوعه فَلَا وَجه لِلْقَوْلِ بانعقاده وَهُوَ على شرف الِانْفِسَاخ من قبل الْمُرْتَهن، بِخِلَاف الْعتْق لكَونه لَا يحْتَمل الرّفْع (لم يقبل) جَوَاب لَو، لما ذكر من أَن الْمُخْتَار عِنْد الْحَنَفِيَّة عدم قبُول الْمُفَارقَة، وَذَلِكَ لِأَن السَّائِل لَيْسَ لَهُ ولَايَة الْفرق كَمَا سيشير إِلَيْهِ، غير أَن الْفرق هَهُنَا صَحِيح فليجعل ممانعة (فَلْيقل إِن ادعيت حكم الأَصْل) أَي إِن جعلت حكم الأَصْل، وَهُوَ البيع (الْبطلَان منعناه) أَي منعنَا كَونه حكم الأَصْل (أَو) ادعيت حكمه (التَّوَقُّف) على إجَازَة الْمُرْتَهن أَو قَضَاء دينه (فَغير حكمك) الَّذِي تُرِيدُ إثْبَاته (فِي الْفَرْع) وَهُوَ الْبطلَان (وَهَذَا) أَي كَون الْمُخْتَار عِنْد الْحَنَفِيَّة نفي قبُوله (لِأَنَّهُ غصب) لمنصب التَّعْلِيل، إِذْ السَّائِل مسترشد فِي موقف الْإِنْكَار فَإِن ادّعى شَيْئا آخر وقف موقف الدَّعْوَى بِخِلَاف الْمُعَارضَة فَإِنَّهَا تكون بعد تَمام الدَّلِيل والمعارض لَيْسَ فِي موقف الْإِنْكَار بل فِي موقف الِاسْتِدْلَال على خلاف مَا أَقَامَ عَلَيْهِ الْخصم (وَلَيْسَ) الْأَمر كَمَا قَالُوا من أَن إبداء وصف آخر غصبه (لِأَنَّهُ) أَي المبدي (لَا يسْتَدلّ عَلَيْهِ) أَي كَون الْوَصْف الآخر عِلّة (بل يجوز كَونه) أَي المبدي وَحده (الْعلَّة أَو) كَونه (مَعَ مَا ذكر) الْمُسْتَدلّ الْعلَّة. (وَحَاصِله) أَي حَاصِل سُؤَاله هَذَا (منع استقلاله) أَي اسْتِقْلَال وصف الْمُسْتَدلّ بالعلية (وتسميته مُعَارضَة تجوز لقَولهم) أَي الْأُصُولِيِّينَ (إِذا أطلقت) الْمُعَارضَة فِي بَاب الْقيَاس

<<  <  ج: ص:  >  >>