للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عدم الْمعَارض من قبيل عدم الْمَانِع، لَا من جَانب الْمُقْتَضى الَّذِي هُوَ الْعلَّة، وَهَذَا لَا غُبَار عَلَيْهِ، لَكِن قَوْله أَنَّهَا عدم الْإِكْرَاه لَا الْإِكْرَاه يُفِيد بِظَاهِرِهِ أَنَّهَا لَو كَانَت عين الْإِكْرَاه لناسبت الحكم وَلَا معنى لَهُ كَمَا لَا يخفى. ثمَّ وَصفه الْإِكْرَاه بمناسبة نقيض الحكم مدافعة، فَكَأَنَّهُ أَرَادَ وَالله تَعَالَى أعلم أَن الطواعية إِنَّمَا هُوَ لعدم الْمُضَاف إِلَى الْإِكْرَاه، وَلَا مُنَاسبَة بَين هَذَا الْعَدَم وَالْحكم أصلا وَلَيْسَت هِيَ الْإِكْرَاه الَّذِي فِيهِ مُنَاسبَة فِي الْجُمْلَة، على أَنه لَو كَانَت عين الْإِكْرَاه أَيْضا لما أَفَادَهُ، بل آخِره، لِأَن مُنَاسبَة الْإِكْرَاه إِنَّمَا هِيَ بِالنّظرِ إِلَى نقيض الحكم، وَفِيه مَا فِيهِ (أَو بإلغائه) أَي الْوَصْف إِلَى آخِره، إِمَّا مُطلقًا فِي جنس الْأَحْكَام كالطول وَالْقصر، أَو فِي حكم الْمُعَلل بِهِ كالذكورة فِي الْعتْق (باستقلال وَصفه) أَي بِسَبَب اسْتِقْلَال وصف الْمُسْتَدلّ بالعلية (بِنَصّ أَو إِجْمَاع كلا تَبِيعُوا الطَّعَام) بِالطَّعَامِ إِلَّا سَوَاء بِسَوَاء (فِي مُعَارضَة الطّعْم) أَي كجواب الْمُسْتَدلّ على أَن عِلّة الرِّبَا الطّعْم المعترضة بمعارضته (بِالْكَيْلِ) لِأَن النَّص دلّ على اعْتِبَار الطّعْم فِي صُورَة مَا، وَهُوَ هَذَا الحَدِيث، فَإِن اعْتِبَار الحكم مُرَتبا على وصف مشْعر بالعلية (وَمن بدل دينه فَاقْتُلُوهُ عِنْد مُعَارضَة مطلقه) يَعْنِي إِذا علل الْمُسْتَدلّ الْقَتْل بِمُطلق تَبْدِيل الدّين ففرع عَلَيْهِ قتل الْيَهُودِيّ إِذا تنصر وَعَكسه إِلَّا أَن يسلم لتحَقّق مَا طلق التبديل فعورض (بتبديل الْإِيمَان بالْكفْر) يَعْنِي فَيَقُول الْمُعْتَرض لَيْسَ الْعلَّة بِمُطلق التبديل، بل تَبْدِيل الْإِيمَان بالْكفْر: وعَلى هَذَا فَالْمُرَاد بِهِ دين الْإِسْلَام، غير أَن الْعلَّة مُطلق التبديل فَألْحق الْيَهُودِيّ إِذا تنصر بِالْمُسلمِ الْمُبدل دينه لاشْتِرَاكهمَا فِي التبديل الْمُطلق (وَلَو قَالَ) الْمُسْتَدلّ (عَم) التبديل الْمَذْكُور فِي الحَدِيث (فِي كل تَبْدِيل) سَوَاء كَانَ تَبْدِيل دين الْحق بباطل أَو بَاطِل بباطل (كَانَ) هَذَا القَوْل (شَيْئا آخر) وَدَعوى حكم كلي شَرْعِي غير مستنبط من الحَدِيث الْمَذْكُور، فَإِن الْمُعَارضَة الْمَذْكُورَة دافعة لهَذَا الاستنباط، فَيكون حِينَئِذٍ إثْبَاته بِالنَّصِّ لَا بِالْقِيَاسِ فَلَا يسمع مِنْهُ هَذَا (وَلَيْسَ مِنْهُ) أَي من الإلغاء المقبول (انْفِرَاد الحكم عَنهُ) أَي عَن الْوَصْف المبدي للمعترض (لعدم) اشْتِرَاط (الْعَكْس) فِي الْعلَّة على مَا هُوَ الْمُخْتَار، وَقد مر تَفْصِيله فِي الشُّرُوط فِي الشَّرْح العضدي رُبمَا يظنّ أَن إِثْبَات الحكم فِي صُورَة دون وصف الْمعَارض كَاف فِي إلغائه، وَالْحق أَنه لَيْسَ بكاف لجَوَاز وجود عِلّة أُخْرَى لما تقدم من جَوَاز تعدد الْعلَّة وَعدم وجوب الْعَكْس (لَكِن يتم) بِبَيَان انْفِرَاد الحكم عَن الْوَصْف الْمعَارض بِهِ (اسْتِقْلَال وصف الْمُسْتَدلّ) إِذْ لَو لم يسْتَقلّ لم يتَحَقَّق الحكم مَعَه فِي صُورَة الِانْفِرَاد الْمَذْكُور (ولكونه) أَي انْفِرَاد الحكم عَنهُ (لَيْسَ إِلْغَاء) لَهُ (لَا يُفِيد إبداء الْخلف) أَي إبداء وصف آخر يخلف الْوَصْف الْمعَارض بِهِ فِي صُورَة انْفِرَاد الحكم عَنهُ (من الْمُعْتَرض) لَا يُفِيد دفع الإلغاء لِأَنَّهُ فرع ثُبُوته، وَإِنَّمَا فَائِدَته نفي اسْتِقْلَال وصف

<<  <  ج: ص:  >  >>