للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثَّابِتَة عليتها بِالْقِيَاسِ، وَالْمَانِع يَقُول للمجوز: لَا بُد لَك من منَاط مُشْتَرك بَين العلتين حَتَّى تقيس إِحْدَاهمَا على الْأُخْرَى، فَإِنِّي أجعَل ذَلِك المناط عِلّة لحكم الأَصْل بدل الْعلَّة الَّتِي جَعلتهَا مقيسا عَلَيْهَا، فَكَذَا يَقُول الْمُجيب فِيمَا نَحن فِيهِ أجعَل الْعلَّة فِي قِيَاس الْمَشْهُود على الْمُكْره التَّسَبُّب (وَجعل الْمُشْتَرك) الْمَعْلُوم عرفا فِي الأَصْل وَالْفرع (علته أَو بِأَن إفضاءه) أَو إفضاء مَا فِي الْفَرْع من الضَّابِط إِلَى الحكم (مثله) أَي مثل إفضاء مَا فِي الأَصْل من الضَّابِط إِلَيْهِ (أَو أرجح) مَعْطُوف على مثله أَي إفضاء مَا فِي الْفَرْع أرجح وَأقوى مِمَّا فِي الأَصْل، فثبوت الحكم فِي الْفَرْع إِمَّا بطرِيق المناولة أَو بطرِيق أولى (فِيمَا لَو جعل أَصله) أَي أصل هَذَا الْفَرْع (إغراء الْحَيَوَان) وحثه على قتل نفس، فَقيل يجب الْقصاص على الشَّاهِد زورا بإغرائه أَوْلِيَاء الْمَقْتُول على الْقَتْل قِيَاسا على إغراء الْحَيَوَان عَلَيْهِ (فَإِن الشَّهَادَة أفْضى إِلَى الْقَتْل مِنْهُ) أَي من إغراء الْحَيَوَان فَإِن انبعاث أَوْلِيَاء الْمَقْتُول على قتل من شهدُوا عَلَيْهِ طلبا للتشفي وثلج الصَّدْر بالانتقام أغلب من انبعاث الْحَيَوَان على قتل من يغرى عَلَيْهِ لنفرته عَن الْآدَمِيّ وَعدم علمه بالإغراء. وَفِي الشَّرْح العضدي وَإِذا كَانَ كَذَلِك لم يضر اخْتِلَاف أُصَلِّي التَّسَبُّب، وَهُوَ كَونه شَهَادَة وإغراء. فَإِن حَاصله قِيَاس التَّسَبُّب بِالشَّهَادَةِ على التَّسَبُّب بالإغراء، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (وكونهما) أَي الأَصْل وَالْفرع فِي الْقيَاس الْمَذْكُور (التَّسَبُّب بِالشَّهَادَةِ) قِيَاسا (على التَّسَبُّب بالإغراء بِلَا جَامع) فَهُوَ غير موجه (بل) الموجه فِيهَا أَن يُقَال (الشَّهَادَة) قِيَاسا (على الْإِكْرَاه أَو الإغراء أَو الشَّاهِد على الْمُكْره بالتسبب) أَي بِجَامِع التَّسَبُّب فِي كل من القياسين (أَو) يُجَاب (بإلغاء التَّفَاوُت) بَين ضابطي الأَصْل وَالْفرع فِي الْمصلحَة (إِذا أثْبته) أَي الْمُعْتَرض التَّفَاوُت بَينهمَا (فِي خصوصه) مُتَعَلق بإلغاء التَّفَاوُت: أَي تبين فِي خُصُوص ذَلِك الْمحل الَّذِي أورد فِيهِ السُّؤَال الْمَذْكُور أَن التَّفَاوُت الْمُثبت بَينهمَا ملغى كَأَن يَقُول لَا تفَاوت فِي الْقصاص بِالْقَتْلِ بِقطع الْأُنْمُلَة المفضية إِلَى الْمَوْت وَالْقَتْل بِضَرْب الرَّقَبَة وَإِن كَانَ ضرب لرقبة أَشد إفضاء إِلَى الْمَوْت (وَإِلَّا) أَي وَإِن لم يبين الْمُعْتَرض التَّفَاوُت فِي خصوصه (لم يفد) الإلغاء لجَوَاز تحَققه فِي غير الْمُتَنَازع (فَلم تذكره الْحَنَفِيَّة لرجوعه إِلَى الْمُعَارضَة فِي الأَصْل) جَوَاز أما فِي قَوْله وَأما مَا ذكره الشَّافِعِيَّة (وسؤال الْقلب مندرج فِي الْمُعَارضَة) لِأَنَّهَا إِقَامَة الدَّلِيل على خلاف مَا أَقَامَ عَلَيْهِ الْمُسْتَدلّ، وَكَذَا الْقلب إِلَّا أَن فِيهِ خُصُوصِيَّة كَون الأَصْل وَالْجَامِع مُشْتَركا بَين قياسي الْمُسْتَدلّ والمعارض (وَكَلَام الْحَنَفِيَّة) مُبْتَدأ خَبره (الْمُعَارضَة) إِلَى آخِره، يَعْنِي كَلَامهم فِي تَحْقِيق هَذَا الْمقَام هُوَ قَوْلهم الْمُعَارضَة إِلَى آخر الْبَحْث (نَوْعَانِ) الأول (مُعَارضَة فِيهَا مناقضة، وَهِي) أَي الَّتِي فِيهَا مناقضة (الْقلب) وتستغرق تَفْسِيره عِنْدهم، ثمَّ أَخذ يبين مَا يُطلق عَلَيْهِ لفظ الْقلب لُغَة من الْمَعْنيين ليجعل كل وَاحِد مِنْهُمَا منشأ لتسمية نوع من مَعْنَاهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>