للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الْمُكَلف النَّاذِر والشارع فِي الْعِبَادَة الْمَذْكُورَة كَونهمَا متساويين فِي الْإِلْزَام، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (فتلزم) النَّافِلَة (بِالشُّرُوعِ لِأَنَّهَا تلْزم بِالنذرِ) إِجْمَاعًا فَالْحَاصِل أَن العباة الْمَذْكُورَة لَزِمَهَا الْمُسَاوَاة بَين نذرها وشروعها، وَلَا يتَصَوَّر مساواتهما فِيهَا بالإلزام لتعين الْإِلْزَام فِي نذرها بِالْإِجْمَاع، وَيُسمى هَذَا الْقلب قلب التَّسْوِيَة، وَأما قلب الْعلَّة الَّتِي هِيَ عدم لُزُوم الْمُضِيّ فِي الْفَاسِد وَكَونه من وَجه فَاسد فَلَمَّا سيشير إِلَيْهِ (وَسَماهُ) أَي هَذَا الْقلب بدليله (فَخر الْإِسْلَام عكسا، لِأَن حَاصله عكس خُصُوص حكم الأَصْل) الَّذِي هُوَ الْوضُوء (وَهُوَ) أَي حكمه فِي الْمِثَال (عدم اللُّزُوم بِالنذرِ والشروع فِي الْفَرْع) أَي النَّافِلَة، وَلَا يخفى أَن عكس حكم الأَصْل عدم اللُّزُوم بِالشُّرُوعِ فَقَط لَا عدم اللُّزُوم بهما جَمِيعًا فَفِيهِ مُسَامَحَة، أَو المُرَاد بِحكمِهِ مَا يلْزم الحكم الَّذِي ذكره الْمُسْتَدلّ وَيَتَرَتَّب عَلَيْهِ وَهُوَ عدم اللُّزُوم الْمُتَرَتب على مُسَاوَاة عملهما فِي الْوضُوء الَّذِي لزم تَعْلِيل الْمُسْتَدلّ وَإِنَّمَا قَالَ خُصُوص حكم الأَصْل لعدم كَون حَاصله عكس مُطلق حكم الشَّامِل مُسَاوَاة عملهما فِيهِ فَتدبر (وَهَذَا) النَّوْع من الْقلب هُوَ (الْمَنْسُوب إِلَى الْحَنَفِيَّة أول الْقيَاس) أَي فِي أول مباحثه (مُسَمّى بِقِيَاس الْعَكْس) وَلَيْسَ بِقِيَاس (وَإِنَّمَا هُوَ اسْم الِاعْتِرَاض) هُوَ رد الحكم بِالطَّرِيقِ الْمَذْكُور. (وَاخْتلف فِي قبُوله، فَقيل نعم) يقبل وَهُوَ معزو إِلَى الْأَكْثَر: مِنْهُم أَبُو إِسْحَق الشِّيرَازِيّ وَالْإِمَام الرَّازِيّ (إِذْ جعل) الْمُعْتَرض (وَصفه) أَي الْمُسْتَدلّ (شَاهدا لما يسْتَلْزم نقيض مَطْلُوبه) أَي الْمُسْتَدلّ (وَهُوَ) أَي مَا يسْتَلْزم نقيض مَطْلُوب الْمُسْتَدلّ (الاسْتوَاء) لِأَنَّهُ يلْزم من اسْتِوَاء الشُّرُوع وَالنّذر فِي الْعَمَل كَون الشُّرُوع ملزما كالنذر وَهُوَ نقيض مَطْلُوبه، أَعنِي عدم اللُّزُوم بِالشُّرُوعِ. (وَالْمُخْتَار) كَمَا ذهب إِلَيْهِ آخَرُونَ: مِنْهُم القَاضِي وَابْن السَّمْعَانِيّ وَصَاحب البديع أَنه (لَا) يقبل (لِأَن كَون الْوَصْف يُوجب شبها فِي شَيْء لَا يسْتَلْزم عُمُوم الشّبَه) من المتشابهين فِي كل شَيْء (ليلزم الاسْتوَاء مُطلقًا) وَالْحَاصِل أَن القالب لما ادّعى أَن علية عدم وجوب الْمُضِيّ فِي الْفَاسِد لعدم اللُّزُوم بِالشُّرُوعِ فِي الْوضُوء والنافلة أوجب شبها بَين الْوضُوء والنافلة فِي عدم اللُّزُوم بِالشُّرُوعِ والمتشابهان متساويان فِي الْأَحْكَام، وَمن جملَة أَحْكَام الْوضُوء اسْتِوَاء عمل النّذر والشروع فِيهِ فَلَزِمَ اسْتِوَاء عملهما فِي النَّافِلَة، وعَلى تَقْدِير اسْتِوَاء عملهما فِي النَّافِلَة يلْزم اللُّزُوم بِالشُّرُوعِ لما ذكر رد عَلَيْهِ الْمُخْتَار بِأَن إِيجَاب الشّبَه فِي شَيْء، وَهُوَ هَهُنَا عدم اللُّزُوم بِالشُّرُوعِ لَا يسْتَلْزم عُمُوم الشّبَه حَتَّى يلْزم الشّبَه بَين الْوضُوء والنافلة فِي اسْتِوَاء عملهما، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله ليلزم الخ: أَي ليلزم اسْتِوَاء عملهما مُطلقًا فِي الْوضُوء والنافلة، وَلَا يخفى أَنه لَا يلْزم حِينَئِذٍ التَّنَاقُض لِأَن اسْتِوَاء عملهما فِي الْوضُوء يسْتَلْزم عدم اللُّزُوم بِشَيْء مِنْهُمَا، وَفِي النَّافِلَة يسْتَلْزم اللُّزُوم بِكُل مِنْهُمَا للزومها بِالنذرِ إِجْمَاعًا، فعموم الشّبَه يسْتَلْزم مُشَاركَة الْوضُوء والنافلة فِي كل من اللازمين

<<  <  ج: ص:  >  >>