للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْفَرْض الَّذِي هُوَ الرّبع مكملة لَهُ كَمَا أَنَّهَا فِي جَانب الْغسْل التَّثْلِيث وَالْحَاصِل أَن الْمُسْتَدلّ نظر فِي الأَصْل وَهُوَ الْغسْل إِلَى وصف الركنية الْمُشْتَركَة بَينه وَبَين الْفَرْع الَّذِي هُوَ الْمسْح وظنه مؤثرا فِي ترَتّب حكم التَّثْلِيث عَلَيْهِ فَحكم بسنية التَّثْلِيث فِي الْفَرْع كَمَا فِي الأَصْل، والمعترض دقق النّظر فَوجدَ أَن الركنية لَا تَقْتَضِي خُصُوصِيَّة التَّثْلِيث، بل إِلَّا كَمَال الْمُطلق سَوَاء تحقق فِي ضمن التَّثْلِيث أَو الِاسْتِيعَاب، وَقد تحقق مُقْتَضَاهُ فِي الْمسْح فِي ضمن الِاسْتِيعَاب فقد استوعب حَقه، فَلَا يُزَاد الْفَرْع على الأَصْل بِالْجمعِ لَهُ بَين واستيعاب والتثليث (وَلم يَصح إِيرَاد فَخر الْإِسْلَام لهَذَا) الْمِثَال (فِي الْمُعَارضَة الْخَالِصَة) لوُجُود الزِّيَادَة الْمَذْكُورَة الدَّالَّة على أَن دَلِيل الْمعَارض لَيْسَ دَلِيل الْمُسْتَدلّ بِعَيْنِه على مَا هُوَ الْمُعْتَبر فِي الْخَالِصَة كَمَا سَيَجِيءُ، وَتحقّق مَا هُوَ الْمُعْتَبر فِي النَّوْع الأول فِيهِ (وَإِذ علمت) فِي أَوَائِل هَذَا الْفَصْل (أَن الْإِيرَاد) أَي إِيرَاد الْمُعْتَرض للاعتراض إِنَّمَا هُوَ (على ظَنّه) أَي الْمُسْتَدلّ (التَّأْثِير، لَا) على (حَقِيقَته) أَي حَقِيقَة التَّأْثِير فِي نفس الْأَمر (صَحَّ إِيرَاد الْقلب على) الْعِلَل (المؤثرة) لِأَن مرجع المناقضة إِنَّمَا هُوَ ظن الْمُعَلل، لَا اعْتِبَار الشَّارِع فِي نفس الْأَمر (كفساد الْوَضع) أَي كَمَا أَن فَسَاد الْوَضع، وَقد مر تَفْسِيره مورده ظن الْمُعَلل للتأثير لَا حَقِيقَة التَّأْثِير (وَيُخَالِفهُ) أَي يُخَالف هَذَا النَّوْع من الْقلب فَسَاد الْوَضع (بِالزِّيَادَةِ) الْمَذْكُورَة (وبكونه) أَي بِكَوْن هَذَا النَّوْع مِنْهُ يُورد فِي مطلب يكون (أَعم من مدعاه) أَي مدعي فَسَاد الْوَضع وَهُوَ نقيض حكم الْمُسْتَدلّ، فَإِن شَهَادَة وصف الْمُسْتَدلّ للمعترض كَمَا تحقق فِيمَا يثبت نقيض حكمه تتَحَقَّق فِيمَا يسْتَلْزم نقيضه، وَلَو اطَّلَعت على مَا ذكره الشَّارِح فِي حل هَذَا الْمحل على مَا هُوَ عَادَته فِي أَمْثَاله من المشكلات لقضيت مِنْهُ الْعجب. هَذَا فِي بَيَان الْفرق بَين النَّوْع الثَّانِي من الْقلب وَفَسَاد الْوَضع، وَقد سبق قَرِيبا أَن فَسَاد الْوَضع يُفَارق الْقلب الْمُطلق بِكَوْن الْوَصْف فِي فَسَاد الْوَضع يثبت نقيض الحكم بِأَصْل آخر، وَفِي الْقلب يُثبتهُ بِأَصْل الْمُسْتَدلّ المُرَاد بِإِثْبَات الْقلب نقيضه مَا يعم إثْبَاته بِوَاسِطَة فَلَا يُنَافِي مَا سبق. (قَالُوا) أَي الْحَنَفِيَّة (ويقلب الْعلَّة من وَجه فَاسد كعبادة لَا يجب الْمُضِيّ فِي فاسدها، فَلَا تلْزم بِالشُّرُوعِ) فِيهَا (كَالْوضُوءِ) أَي كَقَوْل الشَّافِعِي: إِن الشُّرُوع فِي نفل من صَلَاة أَو صَوْم غير مُلْزم إِتْمَامه وقضاؤه إِذا فسد أَنه عبَادَة لَا يجب الْمُضِيّ فِيهَا إِذا فَسدتْ، فَلَا تلْزم بِالشُّرُوعِ فِيهَا كَالْوضُوءِ بِجَامِع أَن كلا مِنْهُمَا عبَادَة لَا يمْضِي فِي فاسدها، وَاحْترز بِهِ عَن الْحَج، فَإِنَّهُ يجب الْمُضِيّ فِي فاسده، وَكَذَا يلْزم بِالشُّرُوعِ فِيهِ، فَجعل عدم لُزُوم المضيف فِي الْفَاسِد عِلّة لعدم اللُّزُوم بِالشُّرُوعِ (فَيَقُول) الْحَنَفِيّ إِذا كَانَت الْعِبَادَة الْمَذْكُورَة حَالهَا كَحال الْوضُوء (فيستوي عمل النّذر والشروع فِيهَا كَالْوضُوءِ) أَي كَمَا يَسْتَوِي عملهما فِي الْوضُوء فَإِنَّهُ لما لم يلْزم بِالشُّرُوعِ لم يلْزم بِالنذرِ فمساواة عملهما فِي الْوضُوء كَونهمَا متساويين فِي عدم الْإِلْزَام

<<  <  ج: ص:  >  >>