للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِوُجُود الْمَعْلُول على وجود الْعلَّة كَمَا يُقَال هَذَا متعفن الإخلاط لِأَنَّهُ مَحْمُوم (وَهُوَ) أَي الاحتراس عَنهُ بِهَذَا الطَّرِيق إِنَّمَا يتم (إِذا ثَبت التلازم) بَين الْحكمَيْنِ: أَي اللُّزُوم من الْجَانِبَيْنِ (شرعا) أَي ثبوتا شَرْعِيًّا (كالتوءمين) أَي المولودين فِي بطن وَاحِد (فِي الْحُرِّيَّة وَالرّق وَالنّسب) فَإِنَّهُ يثبت حُرْمَة الأَصْل لأَحَدهمَا بثبوتها للْآخر، وَهَكَذَا: أَي الرّقّ وَالنّسب (و) يُقَال (لجعل الظّهْر بَطنا) والبطن ظهرا كقلب الجراب (وَمِنْه) أَي من هَذَا النَّوْع من الْقلب (جعل وَصفه) أَي الْمُسْتَدلّ (شَاهدا) أَي حجَّة (لَك) أَيهَا الْمُعْتَرض لإِثْبَات خلاف حكم الْمُسْتَدلّ بعد أَن كَانَ شَاهدا لَهُ عَلَيْك، فَكَأَنَّهُ كَانَ وَجه الْوَصْف مُقبلا على الْمُسْتَدلّ وظهره إِلَى الْمُعْتَرض فَانْقَلَبَ (وَلَا بُد فِيهِ) أَي فِي هَذَا النَّوْع (من زِيَادَة) فِي الْوَصْف الَّذِي ذكره الْمُعْتَرض على الْوَصْف الَّذِي ذكره الْمُسْتَدلّ (تورد تَفْسِيرا لما أبهمه الْمُسْتَدلّ) من الْوَصْف وتقريرا، لَهُ لَا تغييرا فَيلْزم أَن لَا يكون قلبا، بل مُعَارضَة مَحْضَة غير متضمنة لإبطال دَلِيل الْمُسْتَدلّ (كَصَوْم فرض) على مَا قَالَه الشَّافِعِي فِي نِيَّة صَوْم رَمَضَان (فَلَا يتَأَدَّى بِلَا تعْيين) للنِّيَّة (كالقضاء) فَإِنَّهُ لَا يتَأَدَّى بِلَا تعْيين لوصف الْفَرْضِيَّة (فَيَقُول) الْحَنَفِيّ (صَوْم فرض مُتَعَيّن) يتَعَيَّن بِتَعْيِين الشَّارِع لنَهْيه عَن سَائِر الصيامات فِي الْوَقْت (فَلَا يحْتَاج إِلَيْهِ) إِلَى تعْيين النِّيَّة بعد تَعْيِينه (كالقضاء بعد الشُّرُوع فِيهِ) فَإِن الْقَضَاء إِذا شرع فِيهِ مَقْرُونا مَعَ النِّيَّة يصدق عَلَيْهِ أَنه صَوْم فرض مُتَعَيّن، وَقبل الشُّرُوع لم يتَعَيَّن، لجَوَاز أَن يَنْوِي الصَّوْم فِي يَوْم بِعَيْنِه، ثمَّ قبل الشُّرُوع فِيهِ يَنْقَلِب رَأْيه فَلَا يَصُوم فِيهِ، فقد أبهم الْمُسْتَدلّ الْوَصْف حَيْثُ قَالَ صَوْم فرض وَلم يذكر تَعْيِينه بِتَعْيِين الشَّارِع، وَلَو ذكره لما تحققت الْمُشَاركَة فِي الْوَصْف بَين صَوْم رَمَضَان وَصَوْم الْقَضَاء إِلَّا بعد اعْتِبَار الْفَرْضِيَّة وَالتَّعْيِين فِيهِ، وَهَذَا الِاعْتِبَار لَا يتَحَقَّق فِيهِ إِلَّا بعد الشُّرُوع وَبعد الشُّرُوع لَا يحْتَاج إِلَى النِّيَّة ليقاس عَلَيْهِ فَذكر الْمُعْتَرض إِيَّاه تَفْسِير وَبَيَان لمحل النزاع، فَإِن الصَّوْم الْفَرْض الْمُتَعَيّن فِي وقته، فَالْأَصْل فِيهِ الْقَضَاء الْمَشْرُوع فِيهِ، غَايَته أَن التَّعْيِين فِي رَمَضَان قبل الشُّرُوع، وَفِي الْقَضَاء بعده، وَلَا يكون تعْيين الشَّارِع لَهُ أدنى من تعْيين العَبْد، وَفِيه بحث ذكره المُصَنّف فِيمَا سبق، وَفِي شرح الْهِدَايَة أَيْضا (وَمِنْه) أَي من هَذَا النَّوْع قَول الشَّافِعِي فِي مسح الرَّأْس فِي الْوضُوء: الْمسْح (ركن فِي الْوضُوء، فَيسنّ تكريره كالغسل: فَيَقُول) الْحَنَفِيّ الْمسْح (ركن فِيهِ) أَي الْوضُوء (أكمل بِزِيَادَة) فِي مَحَله (على) قدر (الْفَرْض) وَهُوَ اسْتِيعَاب بَاقِيه (فَلَا يسن تكراره كالغسل، فَهِيَ) أَي الزِّيَادَة الَّتِي أكمل بهَا (تَفْسِير) لما أبهم من الْوَصْف وَتَحْقِيق لمحل الْخلاف (لِأَن الْخلاف فِي تثليث الْمسْح بعد إكماله كَذَلِك) أَي بِزِيَادَة على الْفَرْض (وَهُوَ) أَي إِلَّا كَمَال على هَذَا الْوَجْه فِي جَانب الْمسْح إِنَّمَا هُوَ (الِاسْتِيعَاب) أَي استيعابه جَمِيع الراس فَإِنَّهُ زِيَادَة على

<<  <  ج: ص:  >  >>