الْقَرَافِيّ وَقد خَالف جمع من الْأَئِمَّة فِي مسَائِل ضَعِيفَة المدارك بِالْإِجْمَاع السكوتي وَالْإِجْمَاع على الْحُرُوف وَنَحْوهَا فَلَا يَنْبَغِي تأثيمه لِأَنَّهَا لَيست قَطْعِيَّة: كَمَا أَن لَا نؤثم من يَقُول: الْعرض يبْقى زمانين أَو يَقُول بِنَفْي الْخَلَاء وَإِثْبَات الملاء وَغير ذَلِك (بِخِلَاف حجية لقرآن) وَالسّنة (فَإِنَّهُ) أَي إنكارها (كفر) فَإِنَّهُ من ضروريات مِلَّة الْإِسْلَام، وإنكاره كإنكارها (و) مُنكر (غَيرهَا) أَي الضرورية (الفرعية) إعرابه كإعراب الْأَصْلِيَّة فَارْجِع إِلَيْهِ. أَي الْأَحْكَام (الفرعية) الاجتهادية (فالقطع) حَاصِل على أَنه (لَا إِثْم) على الْمُخطئ فِيهَا (وَهُوَ) أَي الْقطع بِنَفْي الْإِثْم (مُقَيّد بِوُجُود شَرط حلّه) أَي الِاجْتِهَاد (من عدم كَونه فِي مُقَابلَة) دَلِيل (قَاطع: نَص أَو إِجْمَاع وَلَا يعبأ) أَي لَا يعْتد (بتأثيم بشر) المريسي (والأصم) أبي بكر وَابْن علية والظاهرية والإمامية الْمُخطئ فِي الِاجْتِهَاد فِي الْفُرُوع لِأَن الْحق فِيهَا مُتَعَيّن وَعَلِيهِ دَلِيل قَاطع، فَمن أَخطَأ فَهُوَ آثم غير كَافِر، وَإِنَّمَا لَا يعبأ بِهِ (لدلَالَة إِجْمَاع الصَّحَابَة على نَفْيه) أَي تأثيم الْمُخطئ فِيهَا (إِذْ شاع اخْتلَافهمْ) فِي الْمسَائِل الاجتهادية، وَلَا بُد من خطأ وَاحِد من المتناقضين (وَلم ينْقل تأثيم) من بَعضهم لبَعض (وَلَو كَانَ) أَي لَو وجد الْإِثْم للمخطئ (لوقع) ذَلِك لِأَنَّهُ أَمر خطير وَلَو ذكر لنقل واشتهر، وَلما لم ينْقل تأثيم علم عدم الذّكر وَعدم الْإِثْم، وَيجوز أَن يكون الْمَعْنى وَلَو كَانَ التأثيم لوقع ذكره عندنَا بِنَقْل التأثيم (وَلَو استؤنس لَهما) أَي لبشر والأصم. وَالْمعْنَى وَلَو طلب زَوَال الوحشة عَن كَلَامهمَا الْبعيد عَن الْأنس (بقول ابْن عَبَّاس أَلا يتقى الله زيد بن ثَابت، يَجْعَل ابْن الابْن ابْنا وَلَا يَجْعَل أَب الْأَب أَبَا أمكن) جَوَاب لَو: أَي أمكن أَن يسْتَأْنس بِهِ قد جَاءَ فِي دَعْوَى الْإِجْمَاع على عدم التَّأْثِير بِأَن يُقَال كَيفَ يتَحَقَّق الْإِجْمَاع من الصَّحَابَة على عَدمه مَعَ وُقُوع التأثيم من ابْن عَبَّاس فِي حق زيد (لكنه) أَي ابْن عَبَّاس (لم يتبع) أَي لم يتبعهُ أحد (على مثله) أَي على مثل تأثيمه زيدا، وَلَا يُمكن أَن يُقَال عدم الِاتِّبَاع لعدم وُقُوع مثل مَا وَقع من زيد أَو اتبع لَكِن لم ينْقل إِلَيْنَا لندرته (إِذْ) عدد (وقائع الْخلاف) من زمن الصَّحَابَة إِلَى انْقِرَاض الْمُجْتَهدين (أَكثر من أَن تحصى) أَي من عدد مَا يدْخل تَحت الْحصْر، وَكلمَة أَن مَصْدَرِيَّة، وَالْمرَاد بِالْمَصْدَرِ المحصور والمضاف مَحْذُوف (وَلَا تأثيم) وَاقع فِي وَاقعَة مِنْهَا من أحد لأحد، فَعدم الْإِنْكَار والتأثيم فِي كل عصر إِجْمَاع من أهل ذَلِك الْعَصْر على خلاف مَا قَالَه ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا. قَالَ (الجاحظ لَا إِثْم على مُجْتَهد) نكرَة فِي سِيَاق النَّفْي يعم كل مُجْتَهد (وَلَو) كَانَ الْخَطَأ مِنْهُ وَاقعا (فِي نفي الْإِسْلَام وَإِن) كَانَ ذَلِك النَّفْي للِاجْتِهَاد صادرا (مِمَّن لَيْسَ مُسلما) كلمة إِن وصلية، وَمُقْتَضَاهُ ثُبُوت نفي الْإِثْم عَن الْمُسلم الْمُؤَدى اجْتِهَاده إِلَى نفي الْإِسْلَام بِالطَّرِيقِ الأولى، وَهُوَ غير ظَاهر، بل الظَّاهِر أَن وُقُوع مثل هَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute