للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَا يَصح عِنْدهمَا فِي أَحْكَام الدُّنْيَا أَيْضا (لِأَنَّهُ) أَي جَوَاز نِكَاحهنَّ (لم يكن حكما ثَابتا) قبل الْإِسْلَام لنسخه فِي زمن نوح عَلَيْهِ السَّلَام (ليبقى) على حَاله: أَي بعده (لقصر الدَّلِيل) عَنْهُم وَعدم تنَاول عُمُوم الْخطاب إيَّاهُم لتدينهم ذَلِك، وَقَوله لقصر الدَّلِيل مُتَعَلق بيبقى، وَقد يُجَاب بِأَن ترك التَّعَرُّض بِمُوجب الذِّمَّة يَقْتَضِي عدم تنَاول الْخطاب إيَّاهُم فِي جَمِيع مَا يحْتَمل التبدل سَوَاء كَانَ حكما ثَابتا من الله تَعَالَى فِي حَقهم، أَو من عِنْد أنفسهم مِمَّا أحدثوه فِي دينهم وَزَعَمُوا أَنه من الله تَعَالَى تحريفا، لِأَنَّهُ لَا فرق بَين الْقسمَيْنِ فِي الْبطلَان بعد الْإِسْلَام: نعم يجب أَن لَا يكون من قبيل - {وَأَخذهم الرِّبَا وَقد نهوا عَنهُ} - كَمَا سَيَأْتِي (و) أَيْضا خلافًا لَهما (فِي مرافعة أَحدهمَا) أَي أحد الزَّوْجَيْنِ المحرمين مَعَ صَاحبه إِلَيْنَا، فَإِنَّهُمَا يفرقان بَينهمَا حِينَئِذٍ، قيل لزوَال الْمَانِع من التَّفْرِيق لانقياد أَحدهمَا لحكم الْإِسْلَام قِيَاسا على إِسْلَامه، وَمن ثمَّة لَا يتوارثون بِهَذِهِ الْأَنْكِحَة إِجْمَاعًا انْتهى قلت: بل لتناول عُمُوم خطاب التَّحْرِيم آبَاءَهُم فِيمَا لم يكن حكما ثَابتا على مَا سبق، فعلى هَذَا بَيَان هَذَا الْخلاف من التَّصْرِيح بِمَا علم ضمنا، وَالْقِيَاس على الْإِسْلَام مَعَ الْفَارِق فَتدبر (وَلَو دخل) الْمَجُوسِيّ (بهَا) أَي بمنكوحته الْمَذْكُورَة (ثمَّ أسلم) الْمَجُوسِيّ الْمَذْكُور (حد قاذفها) قيل وَالْوَجْه قَاذفه، وَالْأَحْسَن، ثمَّ أسلما حد قاذفهما انْتهى قلت صَحَّ قَوْله حد قاذفها على سَبِيل الْإِطْلَاق بِأَن يُرَاد قاذفهما جَمِيعًا، غَايَة الْأَمر أَن الْحَد لأَجله إِن أسلم فَقَط ولأجلهما إِن أسلما، وَيفهم ضمنا حكم قذف كل وَاحِد مِنْهُمَا انفرادا، فَإِن إِسْلَام الْمَقْذُوف هُوَ الْمُقْتَضى للحد، وَالْمَقْصُود أَن الدُّخُول بهَا حَال الْكفْر لَا يصلح درءا للحد فِي الْقَذْف حَال إِسْلَامه (بِخِلَاف الرِّبَا) أَي صِحَة نِكَاح الْمَحَارِم فِي أَحْكَام الدُّنْيَا ثَابت، بِخِلَاف صِحَة الرِّبَا فِيهَا (لأَنهم) أَي أهل الذِّمَّة (فسقوا بِهِ) أَي بالربا (لتحريمه عَلَيْهِم. قَالَ تَعَالَى {وَأَخذهم الرِّبَا وَقد نهوا عَنهُ}. وروى عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كتب فِي صلح أهل نَجْرَان أَن لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا فَمن أكل مِنْهُم فذمتي مِنْهُ بريئة، وَيرد أَن هَذَا فِي حق من نهى عَن الرِّبَا من أهل الْكتاب فَقَط: اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يُقَال لما نَص صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي صلح قوم من أهل الذِّمَّة يعْتَبر ذَلِك شرطا فِي سَائِر الصُّلْح، فيتناولهم حِينَئِذٍ عُمُوم خطاب تَحْرِيم الرِّبَا، وَالله تَعَالَى أعلم (وَأورد) على مَا ذكر من تَحْرِيم الرِّبَا عَلَيْهِم بِالنَّهْي عَنهُ من حد الْقَاذِف (أَن نِكَاح الْمَحَارِم كَذَلِك) مَنْهِيّ عَنهُ (لِأَنَّهُ) أَي نِكَاح الْمَحَارِم (نسخ بعد آدم) عَلَيْهِ السَّلَام (فِي زمن نوح) فَصَارَ مَنْهِيّا عَنهُ (فَيجب أَن لَا يَصح) نِكَاح الْمَحَارِم فِي قَوْله (كقولهما) أَي كَمَا لَا يَصح فِي قَوْلهمَا (فَلَا حد) على الْقَاذِف (وَلَا نَفَقَة) للمنكوحة الْمَذْكُورَة بِنَاء على عدم صِحَة النِّكَاح (إِلَّا أَن يُقَال) فِي بَيَان الْفرق بَين النِّكَاح والربا (بعد) تَسْلِيم (ثُبُوته) أَي

<<  <  ج: ص:  >  >>