للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النّسخ لجَوَاز نِكَاح الْمَحَارِم (المُرَاد من تدينهم) الَّذِي لَا يتَعَرَّض لَهُ وَفَاء لعهد الذِّمَّة (مَا اتَّفقُوا عَلَيْهِ) فِيمَا بَينهم واتخذوه دينا سَوَاء كَانَ مُوَافقا لما شرع الله تَعَالَى لَهُم أَو لَا، وَالنِّكَاح الْمَذْكُور من هَذَا الْقَبِيل، بِخِلَاف الرِّبَا وَلَا يخفى عَلَيْك أَن هَذَا مَبْنِيّ على معرفَة ملتهم تَفْصِيلًا، وَحكم مَحل الِاتِّفَاق (بِخِلَاف انْفِرَاد الْقَلِيل) مِنْهُم (بِعَدَمِ حد الزِّنَا وَنَحْوه) مِمَّا لم يتفقوا عَلَيْهِ (وَلِأَن أقل مَا يُوجب الدَّلِيل) مَعْطُوف على مَا يدل عَلَيْهِ الْكَلَام السَّابِق، كَأَنَّهُ قَالَ: اعْترض على مَا ذكر لِأَن نِكَاح الْمَحَارِم الخ (كحرمت عَلَيْكُم أُمَّهَاتكُم الشُّبْهَة، فيدرأ الْحَد) خبر أَن، يَعْنِي الشُّبْهَة فِي إِحْصَان الْمُسلم الَّذِي دخل بمحرمه فِي زمَان كفره لاحْتِمَال تنَاوله الذِّمِّيّ فَإِنَّهُ على ذَلِك يصير زَانيا فَكيف يحد قَاذفه مَعَ هَذِه الشُّبْهَة؟ وَالْحُدُود تندرئ بِالشُّبُهَاتِ (وَفرق) أَبُو حنيفَة (بَين الْمِيرَاث وَالنَّفقَة) بِاعْتِبَار التدين فِي حق النَّفَقَة دون الْمِيرَاث (فَلَو ترك بنتين إِحْدَاهمَا زَوجته، فَالْمَال بَينهمَا نِصْفَيْنِ: أَي بِاعْتِبَار الرَّد) مَعَ فرضيهما (لِأَنَّهُ) أَي الْمِيرَاث (صلَة) لرحم أَو مَا يقوم مقَامه (مُبتَدأَة) من غير أَن تكون عوضا لشَيْء (لَا جَزَاء) للاحتباس (لدفع الْهَلَاك) كَمَا فِي الزَّوْجَة فَإِنَّهَا محبوسة دَائِما لحق الزَّوْج عاجزة عَن الْكسْب لنَفسهَا، فَلَو لم ينْفق عَلَيْهَا لهلكت، فَقَوله لدفع الْهَلَاك تَعْلِيل للُزُوم الْجَزَاء (بِخِلَاف النَّفَقَة) فَإِنَّهَا لَيست بصلَة مُبتَدأَة، بل جَزَاء لدفع الْهَلَاك، والتدين سَبَب ضَعِيف يصلح لِأَن يعْتَبر فِي حق ضَرُورِيّ وَلَا يصلح لِأَن يثبت حق ابْتِدَاء من غير ضَرُورَة ملجئة إِلَى اعْتِبَاره (فَلَو وَجب إِرْث الزَّوْجَة) الْمَنْكُوحَة بِالنِّكَاحِ الْمَذْكُور (بديانتها) أَي بِسَبَب أَنَّهَا تعتقد صِحَة نِكَاحهَا بِمُقْتَضى دينهَا (كَانَت) الدّيانَة (ملزمة على) الْبِنْت (الْأُخْرَى) نقصا فِي حَقّهَا لأخذ الْبِنْت الزَّوْجَة سَهْما زَائِدا على مَا تستحقه من النّسَب (والديانة دافعة) لُزُوم الضَّرَر عَن صَاحبهَا (لَا متعدية) ملزمة للضَّرَر على غَيره، وَكم من شَيْء يصلح للدَّفْع لَا للإثبات كالاستصحاب وَغَيره (وَأورد) على الْفرق الْمَذْكُور (أَن) الْبِنْت (الْأُخْرَى دَانَتْ بِهِ) أَي بِجَوَاز نِكَاح أُخْتهَا لاتِّفَاقهمَا فِي العقيدة، فلزمها الِاعْتِرَاف بِزِيَادَة اسْتِحْقَاق أُخْتهَا فَلَا ضَرَر فِي وجوب الْإِرْث من حَيْثُ الزَّوْجِيَّة نظرا إِلَى دينهم.

وَأَنت خَبِير بِأَن عدم وجوب الْإِرْث إِذا كَانَ بِسَبَب أَن الدّيانَة دافعة فِي نفس الْأَمر لَا متعدية لَا يخْتَلف الحكم بديانة الْأُخْرَى صِحَة النِّكَاح للُزُوم كَون الدّيانَة متعدية فِي نفس الْأَمر: اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يُقَال أَن بطلَان كَون الدّيانَة متعدية على هَذَا الْوَجْه مَمْنُوع (فَذهب بَعضهم) أَي الْحَنَفِيَّة، قيل هَذَا معزو إِلَى كثير من الْمَشَايِخ (إِلَى أَن قِيَاس قَوْله) أَي أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى (أَن ترثا) أَي الزَّوْجَة وَالْبِنْت، وَكَانَ الْأَظْهر أَن يَقُول أَن تَرث من الْجِهَتَيْنِ، لَكِن لما كَانَت

<<  <  ج: ص:  >  >>