للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِمَنْزِلَة وارثين بِاعْتِبَار الْجِهَتَيْنِ نزلت منزلتهما، فَعبر عَنْهَا بضمير التَّثْنِيَة إشعارا بِأَنَّهُ لَو كَانَت الجهتان فِي ذاتين لَكَانَ يَأْخُذ كل وَاحِد مُقْتَضى جِهَته، فَكَذَا إِذا اجتمعتا فِي ذَات وَاحِدَة (وَأَن النَّفْي) لإرثها بِالزَّوْجِيَّةِ (قَوْلهمَا) أَي أبي يُوسُف وَمُحَمّد (لعدم الصِّحَّة) للنِّكَاح (عِنْدهمَا، وَقيل بل) لَا تَرث عِنْدهمَا (لِأَنَّهُ إِنَّمَا تثبت صِحَّته فِيمَا سلف) أَي فِي شَرِيعَة آدم عَلَيْهِ السَّلَام (وَلم يثبت كَونه سَببا للإرث) فِي تِلْكَ الشَّرِيعَة، فَلَا يثبت سَببا للإرث بديانتهم، إِذْ لَا عِبْرَة بهَا إِذْ لم تعتمد على شرع، كَذَا فِي الْمُحِيط. (وَالْقَاضِي) أَبُو زيد (الدبوسي) قَالَ لَا تَرث (لفساده) أَي النِّكَاح (فِي حق) الْبِنْت (الْأُخْرَى لِأَنَّهَا إِذا نازعتها) أَي الْبِنْت الزَّوْجَة (عِنْد القَاضِي) فِي اسْتِحْقَاقهَا الْإِرْث بِالزَّوْجِيَّةِ (دلّ) النزاع على (أَنَّهَا لم تعتقده) أَي جَوَاز النِّكَاح وَالْإِرْث مَبْنِيّ عَلَيْهِ، وَلم يُوجد فِي حَقّهَا (وَمُقْتَضَاهُ) أَي الْمَذْكُور للْقَاضِي الدبوسي (أَنَّهَا) أَي الْبِنْت الْأُخْرَى (لَو سكتت) عَن مُنَازعَة أُخْتهَا (ورثت) الْبِنْت الزَّوْجَة بِالزَّوْجِيَّةِ أَيْضا (وَلَا يعرف عَنهُ) أَي أبي حنيفَة (تَفْصِيل) فِي هَذَا. ثمَّ لما ظهر من كَلَام الْقَوْم اضْطِرَاب فِي دفع الْإِيرَاد الْمَذْكُور، وَهُوَ أَن الْأُخْرَى دَانَتْ بِهِ أَرَادَ أَن يذكر مَا هُوَ الْحق عِنْده فَقَالَ (وَالْحق فِي) لُزُوم (النَّفَقَة) الزَّوْجِيَّة على الْمَجُوسِيّ سَوَاء كَانَت محتاجة أَو لَا (أَن الزَّوْج) الْمَجُوسِيّ (أَخذ) وألزم بِالنَّفَقَةِ (بديانته) واعتقاده (الصِّحَّة) أَي صِحَة النِّكَاح، فالتزم بالإقدام على النِّكَاح الْإِنْفَاق عَلَيْهَا وديانته حجَّة عَلَيْهِ (فَلَا يسْقط حق غَيره) وَهُوَ نَفَقَة الزَّوْجِيَّة (لمنازعته) أَي الزَّوْج الزَّوْجَة فِي تَسْلِيم النَّفَقَة (بعده) أَي بعد تحقق النِّكَاح الْمُوجب الْتِزَام النَّفَقَة، وَإِنَّمَا يسْقط عَنهُ بِإِسْقَاط صَاحب الْحق وَلم يُوجد (بِخِلَاف من لَيْسَ فِي نِكَاحهمَا) كَذَا وَقع فِي عبارَة فَخر الْإِسْلَام وَصدر الشَّرِيعَة. وَالْمعْنَى مُنَازعَة الزَّوْج فِي حق السُّقُوط، بِخِلَاف مُنَازعَة من لَيْسَ لَهُ دخل فِي النِّكَاح الْوَاقِع بَينهمَا، وَلَيْسَ بملتزم مَا يَتَرَتَّب عَلَيْهِ فَتسقط النَّفَقَة بعد موت الْمَجُوسِيّ، فقد تعيّنت النَّفَقَة إِذا نازعتها الْأُخْرَى، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (وَهُوَ) أَي من لَيْسَ فِي نِكَاحهمَا. (الْبِنْت الْأُخْرَى)، وَمُقْتَضَاهُ عدم الْإِرْث من حَيْثُ الزَّوْجِيَّة أَيْضا. وَفِي الْمُحِيط: كل نِكَاح حرم لحُرْمَة الْمحل لَا يجوز عِنْدهمَا، وَاخْتلفُوا على قَول أبي حنيفَة: فَعِنْدَ مَشَايِخ الْعرَاق لَا يَصح إِذا لم يعْتَمد شرعا كَنِكَاح الْمَحَارِم، لِأَنَّهُ لم يكن مَشْرُوعا فِي شَرِيعَة آدم عَلَيْهِ السَّلَام إِلَّا لضَرُورَة النَّسْل عِنْد عدم الْأَجَانِب، وَعند مَشَايِخنَا يَصح لِأَنَّهُ كَانَ فِي شرع آدم، وَلم يثبت النّسخ حَال كَثْرَة الْأَجَانِب عِنْد الْمَجُوس (و) الثَّانِي من الْأَقْسَام الْأَرْبَعَة (جهل المبتدع كالمعتزلة مانعي ثُبُوت الصِّفَات) الثبوتية من الْحَيَاة، وَالْقُدْرَة، وَالْعلم، والإرادة، وَالْكَلَام وَغَيرهَا لله تَعَالَى. قَوْله مانعي ثُبُوت الصِّفَات صفة أَو عطف بَيَان للمعتزلة لشهرتهم بِهِ، وَغَيرهم من الْمُتَكَلِّمين الموافقين لَهُم فِي منع

<<  <  ج: ص:  >  >>