ثُبُوتهَا تبع لَهُم (زَائِدَة) تَمْيِيز عَن نِسْبَة الثُّبُوت إِلَى الصِّفَات، فَإِنَّهُم يَقُولُونَ أَنَّهَا عين الذَّات وَلَا يمْنَعُونَ أصل وجودهَا، بل كَونهَا موجودات زَائِدَة على الذَّات، فمرجع النَّفْي إِلَى الزِّيَادَة (و) ثُبُوت (عَذَاب الْقَبْر) وَمن متأخريهم من حكى ذَلِك عَن ضرار بن عَمْرو، وَقَالَ إِنَّمَا نسب إِلَى الْمُعْتَزلَة وهم بُرَآء عَنهُ لمخالطة ضرار إيَّاهُم، وَتَبعهُ قوم من السُّفَهَاء المعاندين للحق (و) ثُبُوت (الشَّفَاعَة) للرسل والأخيار فِي أهل الْكَبَائِر يَوْم الْقِيَامَة وَبعد دُخُول النَّار (و) ثُبُوت (خُرُوج مرتكب الْكَبِيرَة) من النَّار إِذا مَاتَ بِلَا تَوْبَة (و) ثُبُوت (الرُّؤْيَة) البصرية لله تَعَالَى للْمُؤْمِنين فِي الدَّار الْآخِرَة (و) مثل (الشُّبْهَة لمثبتيها) أَي الصِّفَات الْمَذْكُورَة لله تَعَالَى زَائِدَة على الذَّات لَكِن (على مَا) أَي على الْوَجْه الَّذِي (يُفْضِي إِلَى التَّشْبِيه) بالمخلوق، سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يصفونَ - {لَيْسَ كمثله شَيْء وَهُوَ السَّمِيع الْبَصِير} -. وَقَوله لمثبتيها مُضَاف إِلَى الضَّمِير من قبيل الضار بك (لَا يصلح عذرا) خبر الْمُبْتَدَأ، يَعْنِي جهل المبتدع لَا يصلح عذرا وَلَا شُبْهَة فَإِن قلت: كَونه لَا يكفر يدل على أَنه يصلح شُبْهَة قلت: المُرَاد أَنه لَا يصلح شُبْهَة فِي حق التفسيق (لوضوح الْأَدِلَّة) الدَّالَّة على خلاف مَا زَعَمُوا (من الْكتاب وَالسّنة الصَّحِيحَة، لَكِن لَا يكفر) المبتدع بِهِ (إِذْ تمسكه) فِي ذَلِك الْجَهْل وَمَا ذهب إِلَيْهِ (بِالْقُرْآنِ أَو الحَدِيث أَو الْعقل) كَمَا ذكر فِي مَحَله (وللنهي عَن تَكْفِير أهل الْقبْلَة). روى الْبَيْهَقِيّ بِسَنَد صَحِيح أَن جَابر بن عبد الله سُئِلَ هَل تسمون الذُّنُوب كفرا أَو شركا أَو نفَاقًا. قَالَ معَاذ الله وَلَكنَّا نقُول مُؤمنين مذنبين، وروى أَبُو دَاوُد وَسكت عَلَيْهِ عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاث من أصل الْإِيمَان: الْكَفّ عَمَّن قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله لَا نكفره بذنب وَلَا نخرجهُ عَن الْإِسْلَام بِعَمَل فَإِنَّمَا هُوَ هُوَ (وَعنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من صلى صَلَاتنَا واستقبل قبلتنا وَأكل ذبيحتنا فَاشْهَدُوا لَهُ بِالْإِيمَان) رَوَاهُ النَّسَائِيّ، وَهُوَ طرف من حَدِيث طَوِيل أخرجه البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ إِلَّا أَنهم قَالُوا بدل فَاشْهَدُوا إِلَى آخِره، فَذَلِك الْمُسلم الَّذِي لَهُ ذمَّة الله وَذمَّة رَسُوله وَفِي هَذَا أَحَادِيث كَثِيرَة وَقد نَص عَلَيْهِ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى فِي الْفِقْه الْأَكْبَر حَيْثُ قَالَ: وَلَا نكفر أحدا بذنب من الذُّنُوب وَإِن كَانَ كَبِيرَة مَا لم يستحلها (وَجمع بَينه) أَي هَذَا الحَدِيث (وَبَين) حَدِيث افْتَرَقت الْيَهُود على إِحْدَى وَسبعين، وافترقت النَّصَارَى على ثِنْتَيْنِ وَسبعين فرقة، و (ستفرق أمتِي على ثَلَاث وَسبعين) فرقة، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه، وللترمذي كلهم فِي النَّار إِلَّا مِلَّة وَاحِدَة قَالُوا: من هِيَ يَا رَسُول الله.؟ قَالَ مَا أَنا عَلَيْهِ وأصحابي، وَلِلْحَدِيثِ طرق كَثِيرَة من رِوَايَة كثير من الصَّحَابَة بِأَلْفَاظ مُتَقَارِبَة (أَن الَّتِي فِي الْجنَّة المتبعون) لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ولأصحابه رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم (فِي العقائد والخصال) الْخصْلَة الْخلَّة والفضيلة، وَالْمرَاد هَهُنَا الْأَخْلَاق الحميدة كالجود
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute