للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والحلم وَالرَّحْمَة والتواضع إِلَى غير ذَلِك (وَغَيرهم) أَي غير المتبعين (يُعَذبُونَ) فِي النَّار بِمَا شَاءَ الله (وَالْعَاقبَة الْجنَّة وعدوهم) أَي عَدو أهل السّنة وَالْجَمَاعَة غير المتبعين فِيمَا ذكر (من أهل الْكَبَائِر) لكَون بدعتهم فِي العقيدة كَبِيرَة لمخالفتهم ظواهر النُّصُوص وجوابهم عَلَيْهَا بتأويلها اعْتِمَادًا على مَا تستحسنه عُقُولهمْ الزائغة وتعمقهم فِي أُمُور منع الشَّارِع عَن الْخَوْض فِيهَا على خلاف مَا نَص عَلَيْهِ الصَّحَابَة وتابعوهم رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم (وللإجماع على قبُول شَهَادَتهم على غَيرهم) وَمَا قيل من أَن مَالِكًا لَا يقبلهَا، وَتَابعه أَبُو حَامِد من الشَّافِعِيَّة، اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يُرَاد إِجْمَاع من قبله لَيْسَ بِشَيْء لِأَنَّهُ يسْتَلْزم مُخَالفَته الْإِجْمَاع وَهُوَ بَاطِل بل يحمل على الْإِجْمَاع الظني وَهُوَ مَا إِذا كَانَ الْمُخَالف نَادرا كإجماع من عدا ابْن عَبَّاس على الْعَوْل، وَمن عدا أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيّ على أَن النّوم نَاقض وَمن عدا أَبَا طَلْحَة على أَن الْبرد مفطر. وَقَالَ القَاضِي عضد الدّين: الظَّاهِر أَنه حجَّة لِأَنَّهُ يدل ظَاهرا على وجود رَاجِح أَو قَاطع (وَلَا شَهَادَة لكَافِر على مُسلم) لقَوْله تَعَالَى - {وَلنْ يَجْعَل الله للْكَافِرِينَ على الْمُؤمنِينَ سَبِيلا} - (وَعَدَمه) أَي عدم قبُول الشَّهَادَة (فِي الخطابية) من الرافضة (لَيْسَ لَهُ) أَي لكفرهم بل لتدينهم الْكَذِب فِيهَا لمن كَانَ على رَأْيهمْ أَو حلف أَنه محق (وَإِذ كَانُوا) أَي المبتدعة (كَذَلِك) أَي غير كفار (وَجب علينا مناظرتهم) لإِزَالَة الشُّبْهَة الَّتِي أوقعتهم فِي تِلْكَ الْبِدْعَة وإظهارا للصَّوَاب. (وَأورد) على نفي تكفيرهم بطرِيق الْمُعَارضَة: يَعْنِي إِن كَانَ لكم دَلِيل يدل على عدم تكفيرهم فعندنا دَلِيل يدل على كفرهم، وَهُوَ قَوْلنَا (اسْتِبَاحَة الْمعْصِيَة كفر) فنائب الْفَاعِل فِي أورد هَذِه الْجُمْلَة بِتَأْوِيل هَذَا القَوْل. (وَأجِيب) عَن الْإِيرَاد بِأَن اسْتِبَاحَة الْمعْصِيَة كفر (إِذا كَانَ ذَلِك عَن مُكَابَرَة وَعدم دَلِيل، بِخِلَاف مَا) إِذا كَانَ (عَن دَلِيل شَرْعِي) أَي مَأْخُوذ من الشَّرْع احْتِرَازًا عَمَّا إِذا لم يكن شَرْعِيًّا كالأدلة الشَّرْعِيَّة الْحكمِيَّة فَإِنَّهُ إِذا كَانَ لَهُم دَلِيل شَرْعِي يدل بزعمهم على أَن مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ حق يجب اتِّبَاعه لَا يُقَال حِينَئِذٍ أَنهم استباحوا مَعْصِيّة فَإِن قلت فَيَنْبَغِي حِينَئِذٍ أَن يفسقوا بذلك أَيْضا لأَنهم اجتهدوا فآل اجتهادهم إِلَى ذَلِك قلت شبهتهم تصلح لدرء الْكفْر، لَا لدرء الْفسق، لِأَن الشَّارِع أمرنَا بِعَدَمِ تَكْفِير أهل الْقبْلَة، لَا بِعَدَمِ تفسيقهم إِذا كَانَ مَا يدل على خلافهم من الْكتاب وَالسّنة وَاضح الدّلَالَة (والمبتدع مُخطئ فِي تمسكه) بِمَا كَانَ يزْعم أَنه دَلِيل لَهُ من الْكتاب وَالسّنة لعدم إِصَابَته حكم الله تَعَالَى فِي اجْتِهَاده، فَإِن حكم الله فِيمَا يتَعَلَّق بالاعتقاد وَاحِد بِاتِّفَاق المخطئة والمصوبة (لَا مكابر) ومعاند، لِأَن المكابرة إِنَّمَا تكون عِنْد الْعلم بِخِلَاف مَا يَدعِيهِ (وَالله تَعَالَى أعلم بسرائر عباده) فيجازيهم بموجبها. قَالَ المُصَنّف فِي المسايرة: لَا خلاف فِي تَكْفِير الْمُخَالف فِي ضروريات الْإِسْلَام من حُدُوث الْعَالم وَحشر الأجساد وَنفي الْعلم بالجزئيات وَإِن كَانَ من أهل الْقبْلَة المواظب

<<  <  ج: ص:  >  >>