للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

طول الْعُمر على الطَّاعَات انْتهى. وَقَالَ الشَّيْخ عز الدّين بن عبد السَّلَام رَجَعَ الْأَشْعَرِيّ عِنْد مَوته عَن تَكْفِير أهل الْقبْلَة، لِأَن الْجَهْل بِالصِّفَاتِ لَيْسَ جهلا بالموصوفات انْتهى. وَذهب الإِمَام الرَّازِيّ وَالشَّيْخ الْمَذْكُور أَن من يلْزمه الْكفْر وَلم يقل بِهِ فَلَيْسَ بِكَافِر، فعلى هَذَا لَا تكفر المجسمة، وَإِن لزم عَلَيْهِم إِثْبَات النَّقْص، تَعَالَى شَأْنه عَمَّا يَقُولُونَ لأَنهم لم يَقُولُوا بِهِ، لَكِن المُصَنّف ذكر فِي المسايرة أَن الْأَظْهر كفرهم، فَإِن إِطْلَاق الْجِسْم مُخْتَارًا مَعَ الْعلم بِمَا فِيهِ من النَّقْص استخفاف (و) الثَّالِث من الْأَقْسَام الْأَرْبَعَة (جهل الْبَاغِي وَهُوَ) الْمُسلم (الْخَارِج على الإِمَام الْحق) مثل الْخُلَفَاء الرَّاشِدين وَمن سلك طريقهم، يظنّ أَنه على الْحق وَالْإِمَام على الْبَاطِل (بِتَأْوِيل فَاسد) فَإِن لم يكن لَهُ تَأْوِيل فَهُوَ فِي حكم اللُّصُوص، وَهُوَ لَا يصلح عذرا لمُخَالفَته التَّأْوِيل الْوَاضِح، وَهَذَا الْجَهْل (دون جهل المبتدعة) لِأَنَّهُ لَا يخل بِأَصْل العقيدة، الظّرْف خبر الْمُبْتَدَأ الْمَحْذُوف، وَقَوله (لم يكفره) أَي الْبَاغِي مُسْتَأْنف لبَيَان مَضْمُون الْخَبَر (أحد) من أهل الْعلم، فالجهل الَّذِي لَا يُوجب الْكفْر إِجْمَاعًا دون الْجَهْل الَّذِي اخْتلف فِي إِيجَابه إِيَّاه (إِلَّا أَن يضم) الْبَاغِي إِلَيْهِ (أمرا آخر) كإنكار شَيْء من ضروريات الدّين فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يكفر بِسَبَب ذَلِك الْأَمر، لَا للبغي، وَالِاسْتِثْنَاء من عُمُوم الْأَوْقَات بِتَقْدِير الْوَقْت بعد إِلَّا (وَقَالَ عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ) فِي أهل الْبَغي (إِخْوَاننَا (بغوا علينا) وَلَا يُقَال للْكَافِرِ إِخْوَاننَا، فَإِن المُرَاد مِنْهُ أخوة الْإِسْلَام، وَقَالَ تَعَالَى - {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إخْوَة فأصلحوا بَين أخويكم} - فِي بَيَان حكم أهل الْبَغي (فنناظره) أَي الْبَاغِي (لكشف شبهته) ليرْجع إِلَى طَاعَة الإِمَام بِغَيْر قتال (بعث عَليّ) بن أبي طَالب (ابْن عَبَّاس) رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا (لذَلِك) أَي لمناظرة أهل الْبَغي من الْخَوَارِج كَمَا أخرجه النَّسَائِيّ وَغَيره (فَإِن رَجَعَ) إِلَى طَاعَة الإِمَام (بِالَّتِي) أَي بالخصلة الَّتِي (هِيَ أحسن) وَهِي إِزَالَة الشُّبْهَة وَإِظْهَار الْحق من غير قتال فبها (وَإِلَّا) أَي وَإِن لم يرجع إِلَى طَاعَته (وَجب جهاده) لقَوْله تَعَالَى - {فَإِن بَغت إِحْدَاهمَا على الْأُخْرَى (فَقَاتلُوا الَّتِي تبغي} حَتَّى تفيء إِلَى أَمر الله} - أَي ترجع إِلَى كتاب الله تَعَالَى وَسنة رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلِأَن النَّهْي عَن الْمُنكر فرض، وَذَلِكَ بِالْقِتَالِ حِينَئِذٍ، ظَاهر سِيَاق الْآيَة يدل على أَن هَذِه الدعْوَة لَهُم قبل الْقِتَال وَاجِبَة، وَإِنَّمَا الْقِتَال يجب بعْدهَا، وَفِي الْمَبْسُوط أَن الْقِتَال وَاجِب قبلهَا، وَإِنَّمَا تَقْدِيمهَا أحسن، وَقيل مُسْتَحبّ (وَمَا لم يصر لَهُ) أَي وَمَا دَامَ لم يصر للباغي (مَنْعَة) بِالتَّحْرِيكِ، وَقد يسكن: أَي قُوَّة يمْنَع بهَا من قَصده (فيجرى عَلَيْهِ) أَي على الْبَاغِي (الحكم الْمَعْرُوف) فِي الْقصاص وغرامات الْأَمْوَال وَغَيرهَا من الْمُسلمين لبَقَاء ولَايَة الْإِلْزَام فِي حَقه كَمَا فِي حَقهم (فَيقْتل) الْبَاغِي (بِالْقَتْلِ) الْعمد الْعدوان (وَيحرم) الْبَاغِي (بِهِ) أَي بِالْقَتْلِ لمورثه الْإِرْث مِنْهُ (وَمَعَهَا) أَي المنعة (لَا) يجْرِي عَلَيْهِ الحكم الْمَعْرُوف (لقُصُور الدَّلِيل

<<  <  ج: ص:  >  >>