للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَنهُ) أَي الْبَاغِي (لسُقُوط الْتِزَامه) الَّذِي كَانَ لَهُ قبل الْبَغي بِسَبَب تَأْوِيله الَّذِي اسْتندَ إِلَيْهِ لدفع الْخَطَأ عَنهُ (وَالْعجز عَن إِلْزَامه) بِسَبَب المنعة (فَوَجَبَ الْعَمَل بتأويله) الْفَاسِد، تَحْقِيق الْمقَام على مَا ذكر المُصَنّف فِي شرح الْهِدَايَة أَنه أجمع أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على أَن لَا يقيموا على أحد حدا فِي فرج اسْتَحَلُّوهُ بِتَأْوِيل الْقُرْآن، وَلَا قصاصا فِي دم اسْتَحَلُّوهُ بِتَأْوِيل الْقُرْآن، وَلَا برد مَال اسْتَحَلُّوهُ بِتَأْوِيل الْقُرْآن إِلَّا أَن وجد شَيْء بِعَيْنِه فَيرد على صَاحبه، وَأَيْضًا الْفَاسِد من الِاجْتِهَاد يلْحق بِالصَّحِيحِ عِنْد انضمام المنعة إِلَيْهِ لانْقِطَاع ولَايَة الْإِلْزَام وَلَا يخفى أَن إِلْحَاق الِاجْتِهَاد الْفَاسِد من الِاجْتِهَاد الَّذِي ضلل مرتكبه بعلة انْقِطَاع ولَايَة الْإِلْزَام إِنَّمَا يُصَار إِلَيْهِ بِسَبَب الْإِجْمَاع، وَإِلَّا فَلَا يلْزم من الْعَجز عَن الْإِلْزَام سُقُوطه، بل إِنَّمَا يلْزم سُقُوط الْخطاب بالإلزام مَا دَامَ الْعَجز عَن إِلْزَامه ثَابتا فَإِذا ثبتَتْ الْقُدْرَة تعلق خطاب الْإِلْزَام كَمَا يَقُوله الشَّافِعِي (وَلَا نضمن مَا أتلفنا من نفس وَمَال). قيل هَذَا ظَاهر لَا خلاف فِيهِ، وَقد كَانَ الأولى لَا يضمن الْبَاغِي مَا أتلف من نفس وَمَال فِي هَذِه الْحَالة بعد أَخذه أَو تَوْبَته كَمَا فِي الْحَرْبِيّ بعد الْإِسْلَام تَفْرِيعا على وجوب الْعَمَل بتأويله انْتهى وَلَا يخفى عَلَيْك أَنه صرح بقوله لَا لقُصُور الدَّلِيل عَنهُ إِلَى آخِره أَن الْبَاغِي إِذا كَانَ مَعَ المنعة لَا يتَنَاوَلهُ الْخطاب، وَلَا شكّ أَن من لَا يتَنَاوَلهُ الْخطاب لَا يضمن، فالمحتاج إِلَى الذّكر حكم من لم يقصر عَنهُ الدَّلِيل وَقد أتلف نفس الْبَاغِي وَمَاله وَهُوَ مُسلم فَقَالَ: لَا نضمن، فَذَلِك لِأَنَّهُ كَانَ مَضْمُونا مَأْمُورا من قبل الشَّارِع بِالْقِتَالِ وَمن ضَرُورَته إتلافهما فقد عرفت أَنه لَا يتَفَرَّع عدم الضَّمَان على وجوب الْعَمَل بتأويله بل على قَوْله وَجب جهاده. قَالَ المُصَنّف فِي شرح الْهِدَايَة: الْحَاصِل أَن نفي الضَّمَان مَنُوط بالمنعة مَعَ التَّأْوِيل فَلَو تجرد المنعة عَن التَّأْوِيل كقوم غلبوا على أهل بَلْدَة فَقتلُوا واستهلكوا الْأَمْوَال بِلَا تَأْوِيل، ثمَّ ظهر عَلَيْهِم أخذُوا بِجَمِيعِ ذَلِك، وَلَو انْفَرد التَّأْوِيل عَن المنعة بِأَن انْفَرد وَاحِد أَو اثْنَان فَقتلُوا وَأخذُوا عَن تَأْوِيل ضمنُوا إِذا تَابُوا أَو قدر عَلَيْهِم (ويذفف على جرحاهم) فِي الْمغرب. ذفف على الجريح بِالذَّالِ وَالدَّال، أسْرع قَتله، وَفِي كَلَام مُحَمَّد عبارَة عَن إتْمَام الْقَتْل، وَظَاهر هَذِه الْعبارَة وجوب التدفيف كَمَا صرح بِهِ فَخر الْإِسْلَام، وَذَلِكَ لقطع مَادَّة الْفساد الْمَذْكُور. فِي الْمَبْسُوط أَنه لَا بَأْس بِهِ، وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد لَا يجوز لما روى عَن عَليّ أَنه قَالَ: يَوْم الْجمل لَا تتبعوا مُدبرا وَلَا تجهزوا جريحا، وَقَالُوا أَن التدفيف مَشْرُوط بِمَا إِذا كَانَت لَهُم فِئَة، وَيفهم اعْتِبَار هَذَا الْقَيْد من اشْتِرَاط المنعة فِي نفي الضَّمَان (وَيَرِث) الْعَادِل (مُوَرِثه) الْبَاغِي (إِذا قَتله) أَي قتل الْعَادِل الْبَاغِي اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ مَأْمُور بقتْله فَلَا يحرم الْمِيرَاث بِهِ (وَكَذَا عَكسه) أَي يَرث الْبَاغِي مُوَرِثه الْعَادِل إِذا قَتله وَقَالَ كنت على الْحق وَأَنا الْآن عَلَيْهِ لما عرفت من أَنه بِسَبَب التَّأْوِيل والمنعة لَا يتَنَاوَل الْخطاب وَهُوَ مُسلم فَلَا مَانع من الْإِرْث (لأبي حنيفَة وَمُحَمّد) مُتَعَلق بقوله وَكَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>