أَي وَقلت وَيجوز أَن يَجْعَل الْمَحْذُوف مُضَافا إِلَيْهِ مَعَ على سَبِيل اللف والنشر الْمُرَتّب، قَالُوا إِن الله تَعَالَى بَين الْمُعْتَاد بَين النَّاس، وَهُوَ شَهَادَة رجلَيْنِ، ثمَّ انْتقل إِلَى غَيره، فَإِن حضورهن مجَالِس الحكم غير مُعْتَاد مُبَالغَة فِي الْبَيَان، فَلَو كَانَ يَمِين الْمُدَّعِي مَعَ شَاهد كَافِيا لانتقل إِلَيْهِ لكَونه أيسر وجودا فَدلَّ النَّص التزاما على عدم حجية يَمِين الْمُدَّعِي مَعَ شَاهد (وَالسّنة الْمَشْهُورَة) مَعْطُوف على الْكتاب: أَي وَجعل من يُعَارض مجتهده للسّنة الْمَشْهُورَة (كالقضاء الْمَذْكُور مَعَ) قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
" الْبَيِّنَة على الْمُدَّعِي (وَالْيَمِين على من أنكر) لفظ الصَّحِيحَيْنِ وَالْبَيْهَقِيّ: وَالْيَمِين على الْمُدَّعِي عَلَيْهِ، جعل جنس الْأَيْمَان على الْمُنكر، وَلَيْسَ وَرَاء الْجِنْس شَيْء، وَمَا عَن ابْن عَبَّاس من أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قضى بِشَاهِد وَيَمِين، فقد روى عَن البُخَارِيّ وَغَيره انْقِطَاعه، وَمِنْهُم من ذكره فِي الضُّعَفَاء، وَله طرق لَا تَخْلُو كلهَا من نظر، وَعَن الزُّهْرِيّ بِأَنَّهُ بِدعَة، وَأول من قضى بِهِ مُعَاوِيَة. وَأورد أَنه لم يبْق لتضعيف الحَدِيث مجَال بعد مَا أخرجه مُسلم وَأجِيب بِأَنَّهُ لَيْسَ بمعصوم عَن الْخَطَأ فِي الْمُحدثين، فَمن الْمُحدثين من قَالَ فِي كِتَابه أَرْبَعَة عشر حَدِيثا مَقْطُوعًا، وَمِنْهُم من أَخذ عَلَيْهِ فِي سبعين موضعا رَوَاهُ مُتَّصِلا وَهُوَ مُنْقَطع، على أَن مَا رَوَاهُ حِكَايَة وَاقعَة لَا عُمُوم لَهَا، وَيجوز أَن تكون فِي مَحل الِاتِّفَاق: كَشَهَادَة الطّيب أَو امْرَأَة فِي عيب لَا يطلع عَلَيْهِ غير ذَلِك الشَّاهِد واستحلاف المُشْتَرِي على أَنه لم يرض بِالْعَيْبِ، ثمَّ أَن الْقَضَاء بِيَمِين الْمُدَّعِي وَشَاهد وَاحِد لَا يَصح فِي غير الْأَمْوَال عِنْد جُمْهُور الْعلمَاء (والتحليل) أَي وكالقول بِحل الْمُطلقَة ثَلَاثًا لزَوجهَا الأول إِذا تزَوجهَا الثَّانِي ثمَّ طَلقهَا (بِلَا وَطْء) كَمَا هُوَ قَول سعيد بن الْمسيب (مَعَ حَدِيث الْعسيلَة) وَهُوَ مَا روى الْجَمَاعَة عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ عَن رجل طلق امْرَأَته ثَلَاثًا فَتزوّجت زوجا غَيره فَدخل بهَا ثمَّ طَلقهَا قبل أَن يواقعها أتحل لزَوجهَا الأول؟ قَالَ لَا حَتَّى يَذُوق الآخر من عسيلتها مَا ذاق الأول. قَالَ الصَّدْر الشَّهِيد: وَمن أفتى بِهَذَا القَوْل فَعَلَيهِ لعنة الله وَالْمَلَائِكَة وَالنَّاس أَجْمَعِينَ. وَفِي الْمَبْسُوط: لَو أفتى فَقِيه بذلك يعزز (وَالْإِجْمَاع) أَي وَجَهل من عَارض مجتهده الْإِجْمَاع (كَبيع أُمَّهَات الْأَوْلَاد) أَي جَوَازه كَمَا ذهب إِلَيْهِ دَاوُد الظَّاهِرِيّ (مَعَ إِجْمَاع الْمُتَأَخر من الصَّحَابَة) قيل وَالْوَجْه من التَّابِعين لما تقدم من اخْتِلَاف الصَّحَابَة فِي جَوَازه وَإِجْمَاع التَّابِعين على مَنعه.
أَقُول فِي هَذَا الْكَلَام بعد مَا ذكر فِي بحث الْإِجْمَاع اخْتِلَاف الصَّحَابَة وَإِجْمَاع التَّابِعين إِشَارَة إِلَى مَا عرف من أَن الصَّحَابَة كلهم على عدم جَوَاز بيعهنَّ إِلَّا عليا رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، فَبعد موت عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ حصل الْإِجْمَاع من الصَّحَابَة. وَقد علم إِجْمَاع التَّابِعين مِمَّا سبق، فعلى قَول من لم يعْتَبر فِي الْإِجْمَاع إِلَّا إِجْمَاع الصَّحَابَة أَيْضا يتم الِاسْتِدْلَال (فَلَا ينفذ الْقَضَاء