بِشَيْء مِنْهَا) أَي المجتهدات الْمَذْكُورَة الْمُخَالفَة للْكتاب أَو السّنة الْمَشْهُورَة أَو الْإِجْمَاع لكَونهَا فِي مُقَابلَة الْقطعِي وَلَا يخفى عَلَيْك أَن للبحث فِي كل مِنْهَا مجالا لعدم قَطْعِيَّة دلَالَة الْكتاب على الْخلاف وَكَون الْمَشْهُور آحادا فِي الأَصْل، وَكَون الْإِجْمَاع الْمَسْبُوق بِالْخِلَافِ مُخْتَلفا فِيهِ بَين الْعلمَاء، غير أَنه لما كَانَ أمرا مقررا فِي الْمَذْهَب لم يتَعَرَّض المُصَنّف لَهُ، وَعدم نَفاذ الْقَضَاء بهَا قَول الْجُمْهُور من الْحَنَفِيَّة، وتفصيلة فِي الْكتب المفصلة من الْفُرُوع (وكترك الْعَوْل) كَمَا ذهب إِلَيْهِ ابْن عَبَّاس (وَربا الْفضل) أَي القَوْل بحله كَمَا صَحَّ عَن ابْن عَبَّاس، وَقد روى رُجُوعه عَنهُ. أخرج الطَّحَاوِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قلت: لِابْنِ عَبَّاس: أَرَأَيْت الَّذِي يَبِيع الدينارين بالدينار وَالدِّرْهَم بِالدِّرْهَمَيْنِ أشهد لسمعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول الدِّينَار بالدينار وَالدِّرْهَم بالدرهم لَا فضل بَينهمَا، فَقَالَ ابْن عَبَّاس: أَنْت سَمِعت هَذَا من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت نعم، فَقَالَ إِنِّي لم أسمع هَذَا إِنَّمَا أخبرنيه أُسَامَة بن زيد، وَقَالَ أَبُو سعيد وَنزع عَنْهَا ابْن عَبَّاس (الثَّانِي) من الْأَقْسَام الثَّلَاثَة (جهل يصلح شُبْهَة) دارئة للحد وَالْكَفَّارَة، وعذرا فِي غَيرهمَا (كالجهل فِي مَوضِع اجْتِهَاد صَحِيح بِأَن لم يُخَالف) الْمُجْتَهد (مَا ذكر) من الْكتاب وَالسّنة الْمَشْهُورَة وَالْإِجْمَاع (كمن صلى الظّهْر بِلَا وضوء ثمَّ صلى الْعَصْر بِهِ) أَي بِوضُوء (ثمَّ ذكر) أَنه صلى الظّهْر بِلَا وضوء (فَقضى الظّهْر فَقَط ثمَّ صلى الْمغرب يظنّ جَوَاز الْعَصْر) لجهله بِوُجُوب التَّرْتِيب (جَازَ) أَدَاؤُهُ صَلَاة الْمغرب (لِأَنَّهُ) أَي ظَنّه جَوَاز الْعَصْر (فِي مَوضِع الِاجْتِهَاد) الصَّحِيح (فِي تَرْتِيب الْفَوَائِت) فَإِنَّهُ وَقع بَين الْعلمَاء خلاف فِي وجوب التَّرْتِيب، وَلَيْسَ فِي الْمحل دَلِيل قَطْعِيّ، وَكَانَ هَذَا الْجَهْل عذرا فِي جَوَاز الْمغرب لَا الْعَصْر، وَالْفرق أَن فَسَاد الظّهْر بترك الْوضُوء قوي، وَفَسَاد الْعَصْر بترك التَّرْتِيب ضَعِيف لِأَنَّهُ مُخْتَلف فِيهِ، فيؤثر الأول فِيمَا بعده دون الثَّانِي، وَكَانَ الْحسن بن زِيَاد يَقُول إِنَّمَا يجب مُرَاعَاة التَّرْتِيب على من يعلم، لَا على من لَا يعلم، وَكَانَ زفر يَقُول إِذا كَانَ عِنْده أَن ذَلِك يجْزِيه فَهُوَ فِي معنى النَّاسِي للفائتة، وَفِيه مَا فِيهِ (وكقتل أحد الوليين) قَاتل موليه عمدا عُدْوانًا (بعد عَفْو) الْوَلِيّ (الآخر) جَاهِلا بِسُقُوط الْقود بعفوه (لَا يقْتَصّ مِنْهُ) أَي من الْقَاتِل لِأَن هَذَا جهل فِي مَوضِع الِاجْتِهَاد (لقَوْل بعض الْعلمَاء) من أهل الْمَدِينَة على مَا فِي التذهيب (بِعَدَمِ سُقُوطه) أَي الْقصاص (بِعَفْو أحدهم) أَي الْأَوْلِيَاء، حَتَّى لَو عَفا أحدهم كَانَ للباقين الْقَتْل (فَصَارَ) الْقَتْل الْمَذْكُور (شُبْهَة يدْرَأ) بِهِ (الْقصاص) وَهُوَ قد يسْقط بِالظَّنِّ كَمَا لَو رمى إِلَى شخص ظَنّه كَافِرًا فَإِذا هُوَ مُؤمن، وَإِذا قسط الْقصاص بِالشُّبْهَةِ لزمَه الدِّيَة فِي مَاله لِأَن فعله عمد وَيجب لَهُ مِنْهَا نصف الدِّيَة، إِذْ بِعَفْو شَرِيكه وَجب لَهُ نصف الدِّيَة على الْمَقْتُول فَيصير نصف الدِّيَة قصاصا بِالنِّصْفِ وَيُؤَدِّي مَا بَقِي، وَلَو علم سُقُوطه بِالْعَفو ثمَّ قَتله عمدا يجب الْقود عَلَيْهِ. وَقَالَ زفر عَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute